كشف تقرير حديث نشره “معهد دراسات الأمن القومي” في إسرائيل حول تصورات الجمهور الإسرائيلي تجاه القضية الفلسطينية، بناء على جولتين من استطلاعات الرأي أجراهما المعهد نفسه، أن “غالبية الإسرائيليين، خاصة من فئة الشباب، لا يملكون سوى القليل من المعرفة حول جذور الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي”.
وأفاد مركز التفكير الإسرائيلي ذاته بأن غالبية المواطنين أظهروا فهما محدودا لمن هم الفلسطينيون، ولمفهوم الخط الأخضر (الفاصل بين أراضي 1948 وأراضي 1967)، كما أبانوا عن فهم قاصر أيضا لرؤية حل الدولتين والمخاطر التي يفرضها واقع حل الدولة الواحدة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “غالبية الشباب الإسرائيليين يفضلون خيار الحرب على السلام”.
وذكر المصدر نفسه أن معظم المشاركين في استطلاعات الرأي عبروا عن وجهة نظر مفادها أن “إسرائيل لا تستطيع الاعتماد على التوصل إلى أي اتفاق مع الفلسطينيين أو تنفيذه في المستقبل المنظور”، مسجلا أن الحجة السائدة لتبني هذا الطرح هي أن “إسرائيل قامت بالعديد من الإيماءات تجاه الفلسطينيين على مر السنين، سواء في يهودا والسامرة أو في قطاع غزة، كجزء من الاتفاقات بين الطرفين – توفير الكهرباء والمياه والبنية التحتية – وكانت النتيجة مذبحة 7 أكتوبر. وبالتالي، فإن أحداث ذلك اليوم أثبتت أنه من المستحيل على إسرائيل أن تعيش في سلام وتقيم علاقات حسن جوار مع الفلسطينيين، الذين لن يقبلوا، لأسباب قومية ودينية، وجود دولة إسرائيل”، بتعبير التقرير نفسه.
في سياق مماثل، أوضحت نتائج استطلاعات “معهد دراسات الأمن القومي” في إسرائيل المتضمنة في التقرير أن “نظرة الإسرائيليين إلى العالم قبل تاريخ السابع من أكتوبر قد تحطمت”، مضيفا أن “المشاركين في استطلاعات الرأي أفادوا بأنهم كانوا يثقون في قوات الأمن لحماية الأمن القومي الإسرائيلي وسلامتهم الشخصية قبل هذا التاريخ، ولكن أحداث أكتوبر جعلت كثيرين منهم يشعرون بالخيانة من قبل مؤسسة الدفاع التابعة للحكومة الإسرائيلية”.
وكشفت نتائج التقرير انعدام ثقة الإسرائيليين في حكومتهم التي يقودها بنيامين نتنياهو، إذ “أفاد جميع المشاركين، بمن فيهم أولئك الذين حددوا هويتهم السياسية بوضوح على أنهم ينتمون إلى ناخبي اليمين والليكود، بأن ثقتهم في الحكومة ورئيس الوزراء قد تقوضت على نحو غير مسبوق، نظرا لإخفاقاتها، إذ يعتقدون أن الحكومة لا بد أن تستقيل وتسمح لقيادة جديدة بتولي زمام الأمور”.
على الرغم من ذلك، تظل الثقة في جيش الدفاع الإسرائيلي مرتفعة، بحسب المصدر نفسه، مشيرا إلى أن 70 في المائة من المواطنين أعربوا عن مستوى عال من الثقة في مؤسسة الجيش، و45 في المائة منهم يثقون في شخص رئيس الأركان هيرتسي هاليفي، لافتا إلى وجود شعور سائد بأن “الجيش تعلم الدرس ولن يسمح بحدوث ما حدث مرة أخرى”.
وأوضح التقرير أن الإسرائيليين يتبنون الفكرة القائلة بأن “الفلسطينيين جميعهم من أنصار حماس دون أي تمييز بين حماس وفتح والسلطة الفلسطينية، بل إنهم ينظرون إلى كل الفلسطينيين (وفي بعض الحالات المواطنين العرب في إسرائيل) باعتبارهم من أنصار الإرهاب، ويقولون إنه لا مجال للتفاوض معهم من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي”، لافتا إلى أن “الرأي السائد بين الإسرائيليين هو أن جذور الصراع دينية. وبالتالي، فإن الفلسطينيين لن يقبلوا أبدا بوجود اليهود في منطقة يعتبرونها ملكا لهم”.