ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة خلال افتتاح النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي بمركز المنارة للمؤتمرات الدولية اليوم الاثنين.
وجاء فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة والمعالي، رؤساء الدول والحكومات.
السيدة/ آنا كلوديا روسباخ، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
السيدات والسادة
أرحب بكم جميعًا على أرض مصر، وفي عاصمتها "القاهرة" التي تم تأسيسها منذ أكثر من ألف عام لتكون واحدة من أهم الحواضر وأعرق عواصم العالم، مما كان دافعًا لاختيارها لاحتضان النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضري العالمي، بهدف تبادل الخبرات والتعرف على أفضل الممارسات حول قضايا التنمية الحضرية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتطوير أساليب بناء مدن أفضل لتحسين حياة ملايين من البشر، لاسيما في ضوء ما تشهده المدن والتجمعات السكنية من تحديات غير مسبوقة، تتعلق بالنمو السكاني السريع، وتغير المناخ، وندرة المياه، والتنمية المستدامة، وفقدان المسكن، وتوفير التمويل اللازم، وهو ما يتطلب تضافر جميع الجهود الدولية لإيجاد حلول مبتكرة وفعالة لمواجهتها.
الحضور الكريم
تأتي هذه النسخة من المنتدى في وقت حاسم، يواجه فيه العالم أزمات دولية متلاحقة وحروبًا لها تداعيات مدمرة على المدن والتجمعات السكانية، وعلى كل مناحي الحياة فيها، وهو ما يستدعي حشد الجهود والإرادة السياسية لإحلال السلام ووقف النزاعات والصراعات، وتركيز الجهود على مجالات التنمية وإعادة الإعمار والبناء، إذ يستحيل البَدْء في أي خطوات جادة لمواجهة التحديات الحضرية في مجتمعات تعاني من الحروب والاقتتال والنزوح والمجاعة والمرض.
ولعل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من حروب وصراعات، خاصة الحرب الدائرة في قطاع غزة ولبنان، خير مثال على الخسائر الفادحة التي تتكبدها الدول جراء إعلاء صوت الحرب والصراع على حساب السلام والاستقرار.
إن المعاناة اليومية التي تعيشها شعوب تلك الدول، تتطلب استجابة فورية وفعالة لوقف نزيف الدماء والدمار، والشروع في البناء والتنمية، وتحرص مصر دائمًا على تقديم كل سبل الدعم لأشقائها لوقف العنف وتخفيف حدة التداعيات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليه.
السيدات والسادة
رغم ما يحيط بنا من أزمات، حققت مصر في السنوات الماضية إنجازات كبيرة في مجالات العمران والتنمية الحضرية، بما يخدم أهداف الاستراتيجية الوطنية "رؤية مصر ۲۰۳۰" حيث تم تنفيذ مبادرات ومشاريع ضخمة على رأسها مبادرة "حياة كريمة"، لتطوير الريف المصري والمناطق العشوائية، ومبادرة "تكافل وكرامة"، لدعم الأسر الفقيرة والأكثر احتياجًا، ومبادرة "سكن لكل المصريين"، التي تعد أكبر مشروع إسكان اجتماعي موجه لمحدودي الدخل في مصر والعالم بأسره.
كما قامت مصر بإنشاء جيل جديد من المدن يتبنى معايير الاستدامة والذكاء الرقمي، على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة، ضمن اثنتين وعشرين مدينة أخرى تم بناؤها بشكل متزامن في مختلف محافظات الجمهورية، إلى جانب تدشين مشروعات لتطوير العشوائيات، والمناطق غير المخططة وغير الآمنة فضلًا عن تحديث وسائل النقل والمواصلات.
واسمحوا لي بهذه المناسبة، أن أعلن عن إطلاق "الاستراتيجية الوطنية للمدن الذكية" و"الاستراتيجية الوطنية للتحضر الأخضر"، الهادفتين إلى تعزيز الجهود الوطنية القائمة في مجالات التحضر، استنادًا إلى المعايير الدولية للاستدامة والشراكة.
السادة الحضور
يمثل المنتدى الحضري العالمي منصة مثالية لتدشين حوار مثمر وفعال بين جميع الفاعلين المعنيين حول كيفية تحسين أوضاع التجمعات البشرية وتعزيز التنمية الحضرية، ويتطلب هذا الأمر مشاركة فعالة من كل الأطراف المعنية من المجتمعات المحلية، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والجامعات لعقد شراكات وصياغة سياسات واستراتيجيات تعكس احتياجات وتطلعات الشعوب في حياة كريمة ومستقبل أفضل.
وقبل أن أختتم كلمتي، أعرب عن تطلعي إلى أن يكون هذا المنتدى خطوة مهمة على طريق تنفيذ "الأجندة الحضرية الجديدة"، وتعزيز الشراكات الدولية، من أجل حلول مبتكرة وتوصيات عملية تسهم في مواجهة تحديات التنمية الحضرية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أشكركم جميعًا، وأتمنى لكم التوفيق والسداد في أعمال المنتدى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".