في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز مكانة المغرب في قطاع إنتاج التمور عالميا، أطلقت المملكة المغربية برنامجا طموحا لتطوير سلسلة النخيل والتمور في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر”، التي تأتي استكمالا للجهود السابقة التي بذلتها الدولة لتعزيز وتطوير التراث الزراعي للواحات، وتهدف إلى إحداث نقلة نوعية في هذا القطاع الحيوي بحلول عام 2030.
يحتل قطاع زراعة النخيل مكانة محورية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي لمناطق الواحات المغربية، فخلال الفترة 2018-2020، حقق القطاع متوسط مبيعات سنوية تراوح بين 1,25 و2,86 مليار درهم، كما يوفر هذا القطاع أكثر من 2.8 مليون يوم عمل سنويا، أي ما يعادل 10 آلاف منصب شغل قار، ويضمن أكثر من 60% من الدخل الزراعي لأزيد من مليوني شخص.
في هذا السياق، تم التوقيع على عقد-برنامج جديد للجيل الأخضر للفترة 2023-2030، بميزانية ضخمة تقارب 7,5 مليار درهم، ويحدد هذا البرنامج أهدافا طموحة لتحقيق إقلاع حقيقي للقطاع، تشمل غرس 5 ملايين شتلة، منها 3 ملايين شتلة على مستوى الواحات التقليدية، وتوسيع المساحة خارج واحات النخيل التقليدية بـ14 ألف هكتار لتصل إلى 21 ألف هكتار، وتحسين الإنتاج ليصل إلى 300 ألف طن من التمور بمختلف الأصناف.
كما تهدف الاستراتيجية ذاتها، حسب معلومات وفرتها مصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لهسبريس، إلى رفع نسبة التلفيف إلى 50% مقابل 8% في سنة 2020، وزيادة نسبة التحويل لتصل إلى 10% مقابل 0.3% في سنة 2020، وتعزيز الصادرات لتبلغ 70 ألف طن مقابل 3600 طن في سنة 2020.
ويحتل المغرب حاليا المرتبة 12 عالميا من حيث إنتاج التمور، بمتوسط إنتاج سنوي يبلغ 133 ألف طن، وتغطي واحات النخيل المغربية حوالي 64 ألف هكتار، تضم أكثر من 7.2 مليون نخلة، موزعة على 90 واحة في ثمانية أقاليم بجنوب شرق المغرب، مع تمركز أكبر في جهة درعة-تافيلالت.
وتتميز هذه الواحات، وفق المعلومات ذاتها، بتنوع أصنافها، البالغة أكثر من 453 صنفا من نخيل التمر، مع هيمنة أصناف “المجهول” و”بوفكوس” و”النجدة” التي تمثل أكثر من 35% من الإنتاج الوطني.
وتتوزع المناطق الرئيسية المنتجة للتمور في المغرب على أربع جهات رئيسية، تأتي في المقدمة جهة درعة-تافيلالت، التي تغطي مساحة تفوق 54955 هكتارا وتنتج حوالي 82% من الإنتاج الوطني، تليها جهة سوس-ماسة بمساحة تزيد عن 8960 هكتارا ومساهمة تقدر بنحو 9% من الإنتاج الوطني، ثم منطقة فكيك بمساحة تزيد عن 1787 هكتارا وإنتاج يمثل حوالي 5% من الإنتاج الوطني، وأخيرا جهة كلميم-واد نون التي تغطي مساحة تبلغ حوالي 1951 هكتارا وتساهم بنحو 3% من الإنتاج الوطني.
وبالرغم من الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لقطاع النخيل، إلا أنه يواجه تحديات عديدة، أبرزها التغيرات المناخية وندرة المياه وزحف الرمال والتصحر. ولمواجهة هذه التحديات، اتخذت الدولة المغربية، ممثلة في وزارة الفلاحة والقطاعات التابعة لها، إجراءات عدة لتحسين قدرة الواحات على التأقلم والصمود، وتحسين ظروف السكان وتشجيع الاستثمار.
وقد أثمرت هذه الجهود نتائج ملموسة، إذ انخفض معدل الفقر في مناطق الواحات من 13.4% إلى 6.8% بين عامي 2007 و2019، وتم إحداث أكثر من 92 ألف منصب شغل بين عامي 2012 و2019، كما تم تعزيز البنية التحتية والولوج إلى الخدمات الأساسية، خاصة في مجالات الكهرباء والماء الصالح للشرب وفك العزلة عن العديد من الدواوير في هذه المناطق، وفق معلومات حصلت عليها هسبريس.