علمت هسبريس من مصادرها الخاصة أن مصالح المراقبة التابعة للهيئة الوطنية للمعلومات المالية فتحت أبحاثا موسعة، بناء على تصريحات بالاشتباه وردت عليها من المديرية العامة للضرائب، بعدما استشعر مراقبوها عمليات مالية مشبوهة من خلال تصريحات ضريبية قدمت إليهم من قبل شركات لكراء السيارات، متمركزة مقراتها الاجتماعية في جهة الدار البيضاء- سطات، موضحة أنه تم رصد معاملات بمبالغ مالية مهمة في إطار عقود كراء طويلة الأمد (LLD) مع شركات للبناء والأشغال والتوزيع والاستيراد والتصدير، تجاوزت الحجم الاقتصادي للشركات المشتبه فيها، التي يقل عمر بعضها عن سنتين.
وأفادت المصادر ذاتها بأن الأبحاث الجارية توقفت بعد التدقيق في الوثائق المحاسبية للشركات المعنية عند ارتباط عقود الكراء طويل الأمد بسيارات فاخرة، لا تتناسب مع طبيعة نشاط الشركات المستفيدة، وتتجاوز سومة كرائها قدراتها المالية، مؤكدة أن مضامين عقود ائتمانية بين الشركات المؤجرة موضوع التدقيق ومؤسسات ائتمانية كشفت عن أداء تسبيقات بقيمة مالية عالية، تجاوز بعضها 70 في المائة من قيمة السيارات الممولة، ما عزز شكوك المراقبين الماليين، خصوصا أن حجم أنشطة الشركات وأقدميتها في السوق لا تخول لها الانخراط في استثمارات بهذا الحجم.
وأكدت مصادر الجريدة أن عمليات التدقيق في حسابات شركات كراء السيارات المشبوهة امتدت إلى تصريحات محاسبية تعود إلى السنوات الثلاث الماضية، تخلفت هذه الشركات عن وضع نسخ عنها بالمحكمة التجارية، موردة أن الأبحاث همت مسار تطور مساهمات الأموال الذاتية fonds propres في رساميل الشركات المعنية، وأن وثائق ومستندات أثبتت ضخ مبالغ مالية مهمة في شكل عمليات شراء أسهم، ومشددة على أن المراقبين استندوا إلى حق الاطلاع من أجل جرد المعاملات البنكية المنجزة من قبل المنشآت المشتبه فيها، وهوية المتعاملين معها.
وكشفت أحدث الإحصائيات الواردة عن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تلقيها ما مجموعه 5171 تصريحا بالاشتباه بغسل الأموال خلال سنة واحدة فقط؛ فيما أحالت على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش ما مجموعه 54 ملفا، وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، تتعلق جميعها بأفعال يشتبه في ارتباطها بغسل الأموال أو بالجرائم الأصلية، وبتمويل الإرهاب.
وأوضحت مصادر هسبريس أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية استعانت بقواعد بيانات بشأن الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بمخاطر غسل الأموال، والنقط الجغرافية عالية المخاطر، من أجل تتبع مسار معاملات الشركات المشتبه فيها، وحصر ارتباطاتها ومعاملاتها المالية مع شركات أخرى، بعضها تبين أنه موضوع إشعارات بشأن الغش والتهرب الضريبيين، إذ تستغل من قبل مسيرين في إنتاج الفواتير المزورة، والشهادات الإدارية المختلفة، التي رصد بعضها في ملفات طلبات قروض، ضمن برامج دعم مالي عمومية لفائدة المقاولات المتوسطة والصغرى.
جدير بالذكر أن الهيئة الوطنية لمعلومات المالية وجهت ما مجموعه 86 طلب معلومات من أجل تحليل ملفات ودراستها إلى شركاء معينين. واستأثر المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية بنسبة 42 في المائة من هذه الطلبات، متبوعا بالأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون الخاص (28 في المائة)، والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية (24 في المائة)، وكذا إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة (5 في المائة)، ومكتب الصرف (1 في المائة).