يشهد عام 2025 حالة من الترقب الاقتصادي على المستويين المحلي والعالمي، حيث تتجه الأنظار إلى قرارات البنوك المركزية بشأن أسعار الفائدة وتداعياتها على الأسواق، ففي مصر، تشير المؤشرات الأولية إلى احتمالية تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماعات المقبلة للبنك المركزي، مدفوعة بخطط طروحات الدين العام التي يُتوقع أن تشهد ذروتها في النصف الثاني من العام.
في المقابل، يواجه سوق الذهب العالمي تطورات متسارعة، حيث يستمر الفيدرالي الأمريكي في تبني سياسة نقدية حذرة، مع توقعات بتأخير خفض أسعار الفائدة لمواجهة مخاطر التضخم المتجدد، هذه المعطيات، إلى جانب المخاوف من التوترات التجارية العالمية، تدفع الذهب ليصبح مرة أخرى ملاذًا آمنًا للمستثمرين.
مع ارتفاع الطلب على المعدن الأصفر في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي، من المتوقع أن يتسم العام الحالي بتذبذبات حادة في أسعاره، خاصة إذا ما استمرت التحديات الجيوسياسية والتجارية في رسم ملامح الاقتصاد العالمي.
نائب رئيس شعبة الذهب: نعيش ظاهرة استثنائية
أكد المهندس لطفي المنيب، نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن أسواق الذهب العالمية تمر بحالة غير مسبوقة تتمثل في ارتفاع أسعار الذهب بالتزامن مع صعود الدولار.
وقال “المنيب”، في تصريحات خاصة لـ بانكير، إن هذه الظاهرة تتعارض مع القاعدة الاقتصادية التي تربط بين انخفاض سعر الذهب وارتفاع الدولار بسبب العلاقة العكسية بينهما.
وأضاف المنيب: “ما نراه الآن يخالف كل القواعد التقليدية، وهو ما يشير إلى اضطرابات عميقة في الأسواق العالمية، فالقاعدة تقول إنه عندما يرتفع الدولار، يجب أن ينخفض الذهب، لكن هذه القاعدة انهارت أمام متغيرات عالمية جديدة”.
الصين ودورها في زيادة الطلب على الذهب
وأوضح نائب رئيس شعبة الذهب أن أحد الأسباب الرئيسية لهذا الوضع هو توجه دول مثل الصين لتعزيز احتياطياتها من الذهب على حساب الدولار، مشيرا إلى أن الصين ترى في الذهب الملاذ الآمن وسط التوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، وهو ما رفع الطلب العالمي على المعدن النفيس بشكل كبير، وساهم في زيادة سعره عالميا.
وأوضح المنيب أن التهدئة في غزة وعودة النشاط التجاري بين الدول كان من المفترض أن يؤدي إلى ارتفاع الدولار وانخفاض أسعار الذهب، ولكن الواقع أظهر عكس ذلك، قائلا: “رغم المؤشرات الإيجابية مثل وقف إطلاق النار في غزة، لا تزال أسعار الذهب في صعود مستمر عالميًا، وهو ما يعكس تخوفًا عالميًا مستمرًا من المستقبل”.
اسعار الذهب في مصر تخالف التوقعات العالمية
وعلى المستوى المحلي، أشار المنيب إلى أن أسعار الذهب في مصر لم تشهد زيادات توازي ما حدث في الأسواق العالمية، بسبب تراجع الطلب نتيجة نقص السيولة في السوق، مضيفا: "العديد من المواطنين توجهوا للاستثمار في العقارات وشهادات الادخار بعائد 30%، ما أدى إلى قلة الإقبال على سوق الذهب في مصر".
وأوضح نائب رئيس شعبة الذهب أن هناك زيادة في المعروض من الذهب في السوق المحلي مقارنة بحجم الطلب، ما أدى إلى استقرار الأسعار أو بيع المعدن النفيس بأسعار أقل من السوق العالمية.
توقعات مستقبلية لأسعار الذهب 2025
وفيما يخص التوقعات المستقبلية عالميا، قال المنيب: "إذا استمرت التغيرات السياسية والاقتصادية مثل الصراع الروسي الأوكراني وحالة عدم اليقين في الأسواق، فمن المتوقع أن يظل الذهب في صعود، ولكن انتهاء الأزمات الحالية قد يعيد الاستقرار للسوق ويغير مسار الأسعار".
واختتم المنيب تصريحاته بالتأكيد على أن السوق المصري يعاني من تحديات اقتصادية تتطلب حلولًا مبتكرة لدفع عجلة الاستثمار وتحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق الذهب، لان قلة الطلب وزيادة المعروض أدت إلى انخفاض سعر الذهب وهو عكس ما يحدث عالميا.
خبير اقتصادي: توقعات بتثبيت أسعار الفائدة
وفي سياق أخر، أكد الخبير الاقتصادي وائل النحاس أن هناك احتمالية كبيرة لتثبيت أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل للبنك المركزي المصري، مشيرًا إلى أن ذلك يتماشى مع جدول الطروحات الحكومية المعلن.
وقال النحاس، في تصريحات خاصة لـ بانكير: "وفقًا للخطة الزمنية التي وضعتها الحكومة، فإن الطروحات الكبرى من المتوقع أن تتم في النصف الثاني من عام 2025، أو مع نهاية الربع الثاني من العام الجاري وبالتالي، فإننا نستمر في سياسة أسعار فائدة مرتفعة حتى منتصف العام الحالي".
وأوضح الخبير الاقتصادي أن أعلى طرح لسندات الخزانة حتى الآن سجل تقريبا نحو 2769 مليار جنيه، وهو ما يعكس توجه الحكومة نحو تثبيت الفائدة كجزء من استراتيجيتها لتحقيق الاستقرار المالي، مع التركيز على تقليل المخاطر المرتبطة بالديون المحلية.
الحرب الاقتصادية العالمية
وفيما يتعلق بالتطورات العالمية، أكد النحاس أن العالم يشهد تحولًا من الحروب العسكرية إلى الحروب الاقتصادية، التي وصفها بأنها أكثر خطورة وتأثيرًا من الحرب العسكرية، مضيفا: "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوّح بفرض رسوم جمركية على أوروبا، والصين، وأعضاء مجموعة بريكس، وهذه الخطوة قد تشعل حربًا تجارية عالمية تؤثر بشكل كبير على حركة التجارة الدولية وأسعار السلع".
الفيدرالي الأمريكي قد يؤجل خفض الفائدة
وعلى صعيد السياسة النقدية الأمريكية، أشار النحاس إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) أعلن عن احتمالية الإبقاء على أسعار الفائدة دون خفض في الفترة المقبلة، مضيفا: "التوقعات تشير إلى إمكانية حدوث موجة تضخم جديدة داخل الولايات المتحدة، لذلك، فإن الفيدرالي يفضل تأخير خفض الفائدة بدلاً من المخاطرة باضطرار لرفعها مجددًا لاحقًا".
واختتم النحاس تصريحاته بالتأكيد على أن الأوضاع الاقتصادية الحالية، سواء في مصر أو على المستوى العالمي، تتطلب حذرًا شديدًا في إدارة السياسات النقدية والمالية لمواجهة التحديات المتزايدة، خصوصًا في ظل حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق.
تحديات 2025
في نهاية الأمر يتضح أن عام 2025 سيبقى عاما محوريًا في تحديد مسارات الاقتصاد العالمي، حيث تتشابك التحديات النقدية مع التقلبات الجيوسياسية والتجارية، وتواصل أسعار الفائدة المرتفعة، تشكيل ضغط على الأسواق، فيما يظل الذهب ملاذًا آمنًا وسط حالة عدم اليقين التي يعيشها العالم.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى التركيز على السياسات النقدية للبنوك المركزية، خاصة الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي المصري، التي ستحدد إيقاع الأسواق خلال العام، وبينما تتجه الأنظار إلى مؤشرات التضخم وحركة التجارة الدولية، يبدو أن عام 2025 سيظل حافلًا بالتحديات والفرص، مما يتطلب من المستثمرين والمتعاملين الماليين تحليلاً دقيقًا واستراتيجيات مدروسة للتعامل مع تقلبات الأسواق.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
