اقرأ في هذا المقال
- أدلة قوية تربط بين تغير المناخ وزيادة هطول الأمطار.
- حالات متكررة من الحرارة الشديدة خلال الصيف أدت إلى جفاف التربة.
- شدة الأمطار الغزيرة تعود إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
- تسعى المجتمعات إلى التعامل مع الدمار الناجم عن أحداث الانهيار المناخي المستمرة.
يرى بعض الخبراء والأكاديميين أن تغير المناخ يقف وراء الفيضانات المدمرة الأخيرة في إسبانيا، ويعود ذلك إلى موجات الحر الشديد الناجمة التي قللت من قدرة التربة على امتصاص مياه الأمطار الغزيرة.
وتواجه إسبانيا فيضانات غير مسبوقة؛ حيث ارتفع عدد القتلى إلى 158 على الأقل، ويخشى أن يكون المزيد من الضحايا في عداد المفقودين مع استمرار جهود الإنقاذ.
ووفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة؛ فقد أثارت أحوال الطقس القاسية نقاشات حول دور تغير المناخ وتساؤلات حول استعداد البلاد لمثل هذه الكوارث.
وقد أثّرت الفيضانات الأخيرة، التي وصفها الناجون بأنها تشبه "تسونامي"، بشكل أساسي في منطقة فالنسيا؛ حيث وصلت كميات الأمطار إلى ارتفاعات كبيرة، تعادل ما يهطل عادةً على مدار العام، كل ذلك في غضون 8 ساعات فقط.
أدلة قوية تربط بين تغير المناخ وزيادة هطول الأمطار
بحسب الدكتور مارك سميث من جامعة ليدز بالمملكة المتحدة؛ فقد توافرت أدلة قوية تربط بين تغير المناخ وزيادة هطول الأمطار.
وأشار إلى أنه "عندما يبدأ هطول الأمطار؛ فإنها تسقط بغزارة على التربة الجافة، التي لا تستطيع امتصاص هذه المياه الزائدة؛ ما يؤدي إلى فيضانات كارثية"، بحسب ما ذكرته مجلة "ذا بينيكل غازيت" (The Pinnacle Gazette) التي ترصد أبرز التطورات الدولية.
وأدت حالات متكررة من موجات الحر الشديد خلال الصيف إلى جفاف التربة وعجزها عن امتصاص مياه الأمطار بشكل كافٍ؛ الأمر الذي تفاقم بسبب تغير المناخ.
بدورها، أكدت الدكتورة فريدريك أوتو من إمبريال كوليدج لندن، الصلةَ المباشرة بين الأحداث المتطرفة وتغير المناخ.
وعزت الدكتورة فريدريك أوتو شدة الأمطار الغزيرة إلى ارتفاع درجات الحرارة العالمية: "مع كل جزء من الدرجة من ارتفاع درجة حرارة الوقود الأحفوري، يمكن للغلاف الجوي أن يحتفظ بمزيد من الرطوبة؛ ما يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة".
وأشارت إلى ظاهرة "غوتا فريا" "gota fría"، أو القطرات الباردة، التي تحدث عندما يتحرك الهواء البارد فوق مياه البحر الأبيض المتوسط الدافئة؛ ما يوفر الظروف الملائمة للعواصف الشديدة.
تعطل نظام الإنذار
أعرب السكان المتضررون من الفيضانات في إسبانيا عن إحباطهم العميق إزاء التحذيرات التي تلقوها، إذ بدا أن نظام التحذير قد تعطل لديهم، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)
ولم يتم رفع الإنذار إلا بعد أن اجتاحت مياه الفيضانات أحياءهم؛ ما أدى إلى ادعاءات بالإهمال بين السلطات المحلية.
وصرح رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، قائلًا: "نحن نبذل كل ما في وسعنا لتحديد مكان المفقودين"، مشيرًا إلى أن "الأولوية هي إنقاذ الأرواح بينما تواصل خدمات الطوارئ تمشيط الأنقاض بالكلاب البوليسية".
ويزعم المنتقدون أن البلاد تفتقر إلى السرعة والفاعلية اللازمتين للتعامل مع مثل هذه المواقف المتطرفة؛ إذ أصدرت وكالة الأرصاد الجوية الوطنية (إيه إي إم إي تي) AEMET، تنبيهات، لكن هذه التنبيهات لم تترجم بشكل فاعل على المستوى المحلي حتى فات الأوان تقريبًا.
ورسمت الأنقاض العائمة والسكان المصابون مشاهد تشبه مناطق المعارك، ونشر أحد الناجين تجربته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، معربًا عن قلقه على أحد أحبائه المفقودين الذي تواصل معه آخر مرة عبر الرسائل النصية، مدّعيًا أنه محاصر بسبب ارتفاع منسوب المياه.
ازدياد ارتفاع درجة حرارة البحر المتوسط
يعتقد الخبراء أن ارتفاع درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط يزيد بشكل كبير من احتمالية حدوث مثل هذه الأحداث القاسية من هطول الأمطار.
وأكد علماء المناخ مثل هايلي فاولر من جامعة نيوكاسل "أن هذا نداء استيقاظ آخر يشير إلى التغير السريع الذي يمر به مناخنا"، وشددوا على "أهمية تحسين الاستعداد للكوارث المماثلة في المستقبل".
ودعا البعض إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتية العامة للحماية من الفيضانات، خاصة أن نماذج المناخ تتنبأ بأنماط طقس أكثر تقلبًا وزيادة هطول الأمطار المتطرف بسبب الاحتباس الحراري العالمي.
واقترح أحد زعماء المجتمع المحلي: "نحن بحاجة إلى التكيف الآن مع مناخ المستقبل؛ لقد مضى وقت الحديث".
من ناحيتهم، يحث الباحثون والناشطون على اتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من التأثيرات المستقبلية.
اتخاذ إجراءات مناخية
كان المدافعون عن البيئة يضغطون من أجل اتخاذ إجراءات مناخية، مع دعوات لفرض قواعد البناء الحديثة، وأنظمة الإدارة المتكاملة، وحملات التوعية العامة لتثقيف السكان حول الاستجابات الفورية لحالات العواصف الشديدة.
وقال أحد الناشطين المحليين في إسبانيا: "لا يمكننا تحمل جرس إنذار آخر مثل هذا؛ فالحياة تعتمد على قدرتنا على التكيف مع ما أصبح الوضع الطبيعي الجديد".
ويسلّط هذا الموقف الضوء على الحاجة الملحّة لإسبانيا، والعديد من البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم، لإعادة التفكير في نهجها في التعامل مع المرونة المناخية، إذ تمثّل الفيضانات الأخيرة مأساة من جهة، ومحفزًا للإصلاح المرتقب من جهة أخرى.
اقرأ أيضًا..