شهادات الاستثمار هي إحدى الوسائل المالية التي يلجأ إليها الكثير من الأشخاص في سبيل تأمين عوائد مالية تساعدهم في تلبية احتياجاتهم اليومية،تتنوع الآراء الشرعية حول جواز هذه الشهادات، بين كونها حلالاً أو حرامًا وفقًا للضوابط الشرعية التي يتبعها المجتمع المسلم،لذا بات من الضروري إجراء بحث معمق حول هذا الموضوع لفهم حكم الشريعة الإسلامية في التعامل مع شهادات الاستثمار، سواء كانت ذات عائد ثابت أم متغير، بالإضافة إلى التعرف على أنواعها المختلفة وعيوبها.
شهادات الاستثمار حلال أم حرام
- الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن الكريم وفيه أحكام الشريعة والضوابط التي ينبغي على المسلم أن يعمل بها، حتى يفوز برضا الله.
- بين لنا في هذا الكتاب العظيم حكم الربا وعقوبته، فقال تعالى ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275].
- ففي هذه الآية دليل على حرمانية الربا، وأنه لا يكون مثل البيع، فالربا أن تقترض مال، وحين رده مرة أخرى لصاحبه تزيد عليه في المبلغ.
- وضح في آية أخرى عقوبة الربا فقال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة:279:278].
- إن استثمار المال يمكن أن يكون قرضًا ربويًا، فانتبه لذلك أيها المسلم وأيتها المسلمة.
- فعندما تتعامل مع إحدى البنوك التي تضع عندها مالك في شكل شهادات استثمار، وتضمن عائد ثابت لك، فهذا هو الربا بعينه.
- لأن صاحب المال يعطي ماله لأجل الانتفاع به، ثم يرجع له بفوائد عن المبلغ الخاص به.
- لكن إذا كان تعاملك مع إحدى البنوك الإسلامية، التي تسير وفقًا لضوابط الشريعة، بحيث تضمن لك عائد متغير، فلا حرج في ذلك.
- لأن صاحب المال يدفع مبلغ للبنك الإسلامي، فيقوم البنك بتشغيله في إحدى المشاريع، وذلك يكون بنسبة من الربح سواء بال أو النقصان.
- فبذلك يصبح الربح مجهولًا، فيجوز التعامل مع مثل هذه البنوك الإسلامية، فكل ما عليك أن تتحرى الدقة في اختيار البنك الذي يتبع ضوابط الشرع.
معنى شهادات الاستثمار وحكم الاستثمار فيها
شهادات الاستثمار عبارة عن وثيقة أو ورقة تثبت الحق في المبلغ المودع لدى صاحب المال، وهي تخضع لنظام القرض،وتتنوع هذه الشهادات إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي
النوع الأول
- شهادة “ذات القيمة المتزايدة” التي تمتد لفترة 10 سنوات، وتكون فوائدها متراكمة كل 6 أشهر،لذلك لا يمكن لصاحب المال الحصول على الفوائد أول بأول، وإنما يتم إضافتها إلى قيمة الشهادة الأصلية حتى تنتهي المدة، ويستطيع صاحب المال استرداد أمواله بعد 5 أشهر.
- إذا تركها حتى نهاية المدة، فسوف تُضاف إليها الفوائد المركبة على الشهادة.
النوع الثاني
- شهادات ذات عائد جار، حيث يقوم صاحبها بالحصول على الفوائد أولًا بأول كل 6 أشهر، مما يعطيه مرونة أكبر في التعامل مع الأموال المستثمرة.
النوع الثالث
- شهادات ذات جوائز، والتي تعرف بالمجموعة “ج” بسبب انخفاض قيمتها،يعتمد هذا النوع على المدخرات القليلة، حيث لا يحصل أصحابها على فوائد دورية أو في نهاية المدة،وتستمر هذه الشهادات لمدة 10 سنوات.
- تُحسب فوائدها على جملة رصيد المال المدخر كل 4 سنوات، وتتم عملية السحب من خلال قرعة على أرقام الشهادات، ويصرف للفائز جوائز قيمة.
- هذا النوع يُصنف من الميسر المحرم، لاحتوائه على الربا.
حكم شهادات الاستثمار ذات العائد المتغير
- يسأل أصحاب الأموال عن شهادات الاستثمار وما إذا كانت حلالًا أم حرامًا،فالمسلم التقي هو الذي يتحرى كل شيء قبل أن يفعله.
- تنقسم هذه الشهادة إلى نوعين ذات عائد ثابت ومتغير؛ فالتي يكون عائدها متغير يمكن الانتفاع بالأرباح والتعامل مع هذه البنوك.
- أما الشهادة بعائد ثابت، فهي تعتبر ربا كما ذكرنا سابقًا.
- إذا وقع الشخص في التعامل مع بنك ربوي، يمكنه أن يتخلص من المال بالصدقة على الفقراء والمساكين.
حكم شهادات الاستثمار ذات العائد الثابت
- شهادات الاستثمار ذات العائد الثابت تعتبر من القروض الربوية المحرمة،الأحكام الشرعية يجب أخذها بعين الاعتبار، ولا يمكن تحليل أو تحريم الأمور وفق الأهواء.
- يفترض أن نسأل أهل العلم في هذا الأمر كما قال الله تعالى ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل:43].
- وفقًا لرأي شيخ الأزهر الأسبق، جاد الحق علي جاد الحق، فإن الربا بجميع أنواعه محرم.
- نصوص التحريم موجودة في القرآن والأحاديث النبوية، وقد اجتمع أئمة المسلمين على هذا.
- تمت الإشارة إلى أن فوائد هذه الشهادات، بالإضافة إلى فوائد التوفير أو الإيداع بفائدة، تدخل في نطاق ربا ال، لذا يحرم على المسلم الانتفاع بها.
- الشيخ عطية صقر أيضًا أوضح أن معاملاته هي من الربا، حيث أن البنوك تأخذ الأموال وتستثمرها في مشاريع، ثم تعطي فوائد أقل للمستثمرين.
حكم شهادات الاستثمار ذات العائد الشهري
- هذا الموضوع يشغل الكثير من الناس؛ نظرًا لأن الربا محرّم في الإسلام،فقد سأل سائل أحد المشايخ عن شهادات الاستثمار بعائد شهري.
- فقال إن نظام شهادات الاستثمار بعائد شهري مرتبط بنظام القروض، وهي تعتبر صكًا يثبت حق صاحب المال في ماله.
- تنقسم هذه الشهادات إلى أنواع تُعد جميعها من ربا الديون المحرم، بدليل النص والإجماع.
- لذلك، يجب على الفرد تجنب وضع أمواله في البنوك الربوية، كما يجب عدم شراء شهادات استثمار من هذه البنوك، وهذا ما أكده مجمع الفقه الاسلامي.
عيوب شهادات الاستثمار
- تشير الدلائل إلى أن هذه الشهادات هي من المعاملات الربوية،وقد تم توضيح الأمور المتعلقة بها مسبقًا.
- أول عيب هو الآثار السلبية المتعلقة بشهادات الاستثمار وما إذا كانت حلالًا أم حرامًا، والتعامل معها على نحو غير محبوب.
- لها مدة معينة، حيث بعد مرور 6 أشهر من تاريخ الشراء لا يمكن للشخص القاصر الحصول على شهادات استثمار.
- يشكو الكثير من عدم الحصول على فوائد كافية مقارنة بقيمة الشهادة أو التجارة أو الأسهم.
في الختام، يعكس هذا البحث أهمية الفهم العميق لموضوع شهادات الاستثمار، حيث يُعتبر الاستثمار في هذه الشهادات موضوعًا قائمًا على أحكام شرعية وتفسيرات دينية،تمّ مناقشة أنواعها المختلفة، والحكم الشرعي حول كل نوع، بالإضافة إلى التعرف على العيوب المحتملة،من الضروري أن يتناول المسلم مثل هذه القضايا بدقة، وذلك لتحصين نفسه من الوقوع في أخطاء مالية قد تكون لها عواقب دينية وخيمة،نأمل أن يسهم هذا الجهد في توضيح الصورة للقارئ، وأن يكون دليلًا مفيدًا له في قراراته المالية المستقبلية.