في مسار صعود مستمر وتوسع متسارع، سارت سوق العملات الرقمية المشفرة في العالم منذ عودة ترامب إلى المشهد الانتخابي الأمريكي وإعلان فوزه بولاية ثانية في نونبر الماضي؛ بيد أن يوم تنصيبه، الاثنين، شهد صعودا قياسيا للعملات الرقمية الأشهر، فضلا عن إطلاقه هو شخصيا وزوجته عملتين مشفرتين باسميهما.
وسجل سعر عملة “بتكوين” الرقمية، اليوم الاثنين، رقما قياسيا جديدا ببلوغها حوالي 110 آلاف دولار، فيما أطلقت ميلانيا ترامب عملة مشفرة تحمل اسمها بعد ساعات من إطلاق دونالد ترامب نفسه عملة تحمل اسمه “$Trump”.
وتسود مشاعر الابتهاج والترقب المشوب بالتفاؤل بين عدد من المتعاملين بالعملات الرقمية والأصول المشفرة في المغرب بخبر عودة ترامب إلى البيت الأبيض وتنفيذه بعض وعوده بشأن “خطط لتحرير قطاع العملات المشفرة” وجعلها ضمن الاحتياطيات المالية الرسمية، قبل أدائه اليمين الدستورية كرئيس لأمريكا.
ومنتصف دجنبر 2024، كان والي البنك المركزي المغربي قد أعلن الانتهاء من إعداد مشروع قانون مؤطر لـ”العملات الرقمية” والأصول المشفرة في المغرب، بتنسيق مع مختلف السلطات المالية المعنية وبدعم ومواكبة تقنية من مؤسسات مالية عالمية (صندوق النقد والبنك الدوليين).
وأثار ارتفاع “عملة ترامب” المشفرة بحوالي 792.86% لتصل إلى 57.91 دولارا للرمز (الوحدة)، بإجمالي قيمة سوقية نحو 11,58 مليار دولار، موزعة على 200 مليون رمز، بحسب بيانات “كوين ماركت كاب”، (أثار) فضول واهتمام العديد من المتتبعين ومحللي الأسواق، فضلا عن مجتمع المستثمرين.
“إشارة قوية”
في تعليقه على الموضوع، أوضح بدر بلاج، خبير مالي محلل لأسواق العملات الرقمية، أن “تزامن إطلاق ترامب وأفراد من عائلته لعملات رقمية، إشارة قوية للسوق المالية العالمية، وضمنها المستثمرون، إلى دخول عهد جديد يكون فيه رئيس أمريكي يرعى عملة رقمية باسمه”، شارحا أن “عملات الميم كوين” (عملة الميم) لا تكون ذات أثر مالي حقيقي، لكنها تضمن مضاربات كبيرة، مع كونها مشروعا مؤسسا في أفق 3 سنوات قادمة وليس عابرا، وهو ما يؤشر إلى “حماية السوق المالية الرقمية” من طرف “قائد أعمال” كما يلقبه أنصاره.
وأشار بلاج، مصرحا لهسبريس، إلى “سيادة الترقب والتفاؤل بين جموع المغاربة المتعاملين أو المالكين لعملات رقمية أو أصول مشفرة، خاصة بعد إعطاء ترامب هذه الإشارات التي تحيل إلى أن القوانين اللاحقة التي قد يقترحها أو يصدق عليها ستكون داعمة ومسهلة للتعامل بالأصول المشفرة ضمن المنظومة الاقتصادية الأمريكية والعالمية بما يتماشى مع الرؤية والتصورات التي روج لها قبيل انتخابه”.
واستدل الخبير في سوق العملات الرقمية بكون “المغاربة من أكثر شعوب دول منطقة مينا (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) بأرقام دراسة وضعتهم ضمن المرتبة السابعة والعشرين عالميا والثانية بعد تركيا؛ إذ بلغت خلال عامين بين الربع الثاني من سنة 2022 والربع الثاني من 2024، القيمة الرائجة والمتحصلة من الأصول المشفرة في المغرب ما قيمته 12,7 مليار دولار”، على حد تعبيره.
واستحضر أن “ترامب يسعى إلى جعل العملات الرقمية قابلة للتطبيق كأصل مالي وطني ضمن الاحتياط النقدي الوطني للبنك الفدرالي، وهي تطورات يتابعها المغاربة فضلا عن السلطات المالية التي تحاول إنهاء النصوص التطبيقية لمشروع قانون بالمغرب”.
وأبرز بلاج أن “المغرب ضمن مسار تقنين وتأطير العمل بهذه الأصول المشفرة، سيكون في موقع التابع لكن المواكب للتوجهات”، فضلا عن أن التطورات الأخيرة مع انتخاب ترامب وعملات رقمية جديدة “تساهم في تغير عقلية السلطات المالية المغربية من حيث التفكير والتصورات”، بما قد يضمن “البحث عن الانتفاع وأفضل العائدات”.
وشدد على “حتمية مواكبة تلك المستجدات في السوق بملاءمة قانونية تضمن تنويع التعاملات المالية دون زجر ودون قتل للابتكار” كما أشار إلى ذلك والي بنك المغرب، مسجلا فوائد “تسهيل الابتكار المالي مع العملات الرقمية، خصوصا بالنسبة لفئات الشباب المستثمرين”.
“حتمية واستعجالية التقنين”
من جهته، يتفق الطيب هزاز، خبير في الأنظمة الرقمية والمعلوماتية، مع ضرورة “تقنين العملات الرقمية والأصول المشفرة”، ما يؤشر إلى حتمية مواكبة هذه السوق الصاعدة بقوة في عهد رئيس أمريكي يشجعها وجعلها ضمن أجندته الانتخابية التي بدأ ينفذها”.
واعتبر هزاز، في تعليق أدلى به لهسبريس، أن “المغاربة يعدون من بين الشعوب المتعاملة بالأصول الرقمية المشفرة، كما أن عودة ترامب ستحفزهم على مزيد من التعاطي معها وتتبع مستجداتها”، وهو ما يحتم أن تدخل مجال التقنين كي لا تبقى عرضة للمخاطر أو “تعاملات مالية مشبوهة”.
ولفت إلى أن “انتهاج التقنين سيقلل من المخاطر بشكل كبير، وهو ضرورة حتمية، بالتزامن مع عودة ترامب للرئاسة خلال السنوات الأربع المقبلة”، موردا أن “السلطات المالية ستجد نفسها مضطرة إلى تقبل تعاملات بعض المغاربة بالعملات الرقمية”.
وختم هزاز تصريحه بأن “إطلاق ترامب شخصيا عملة رقمية باسمه، فضلا عن أفراد عائلته، وعلاقته الوثيقة برجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك كأحد مستشاريه، أمر يحفز هذه السوق نحو مزيد من التطوير وتحطيم أرقام قياسية جديدة”.