اعتمد المسيح على يد يوحنا المعمدان رغم أنه لم يكن بحاجة إلى المعمودية لغفران الخطايا، وذلك لعدة أسباب روحية ورمزية. أراد المسيح من خلال ذلك تأكيد تواضعه الكامل وتجسيده. كما أن المعمودية كانت تعبيرًا عن قبوله لرسالته الإلهية وبدء خدمته العلنية. إضافة إلى ذلك، أراد المسيح أن يعطي نموذجًا للإنسانية، موضحًا أهمية المعمودية كرمز للتجديد الروحي والالتزام بالله. بهذا العمل، حمل أيضًا خطايا البشر على عاتقه، ما يبرز دوره كمخلّص للبشرية.
لماذا اختار المسيح أن يعتمد رغم كونه لا يحتاج إلى المعمودية؟
يوضح المسيح ذلك بقوله: “ليتم كل بر” كما ورد في متى 3: 15. وبرغم أن يسوع هو البر الكامل بذاته، إلا أنه اختار هذا الفعل ليكمل البر ويمنح البشرية التبرير من خلاله. وباعتباره بلا خطيئة، نزل إلى معمودية التوبة، حاملاً رمزيًا خطايا البشر، ليقدس المعمودية ويجعلها وسيلة تبرير لكل من يأتي إليها
إعلان الثالوث الأقدس
يذكر الكتاب المقدس: الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ وَالْكَلِمَةُ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ، وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ (1 يوحنا 5: 7). هذا النص يكشف حقيقة اتحاد الروح القدس مع الآب والكلمة في جوهر إلهي واحد.
شهادة يوحنا وتلاميذه
أوضح يوحنا المعمدان: وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ، لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلًا وَمُسْتَقِرًّا عَلَيْهِ، فَهُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ (يوحنا 1: 33). كانت هذه شهادة يوحنا التي عززت هويّة المسيـح ودوره الإلهي الفريد.
مشاركة المـسيح للبشر في كل شيء باستثناء الخطية
إذ أن الأولاد كانوا شركاء في اللحم والدم، فقد شاركهم يسوع فيهما كذلك، ليقهر بالموت ذاك الذي يملك سلطان الموت، أي إبليس (عبرانيين 2: 14). بهذا، جسّد المسيح أسمى معاني التواضع والمشاركة الكاملة في حياة الإنسان وتجربته، مع استثناء وحيد، وهو الخطية.
أهمية المعمودية في الحياة الروحية
أعلن يسوع بوضوح: الحق الحق أقول لك، إن لم يولد أحد من فوق، فلا يستطيع أن يرى ملكوت الله (يوحنا 3: 3). من هنا، تصبح المعمودية السبيل الأساسي للدخول إلى ملكوت الله والمشاركة في حياته الأبدية.