أخبار عاجلة

الذكرى الأولى للرحيل.. أكاديميون يستحضرون مسار "عميد الأدب المغربي"

الذكرى الأولى للرحيل.. أكاديميون يستحضرون مسار "عميد الأدب المغربي"
الذكرى الأولى للرحيل.. أكاديميون يستحضرون مسار "عميد الأدب المغربي"

بشراكة جمعت “النادي الجراري” أعرق النوادي الثقافية بالمغرب، والمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، أُحييت الذكرى الأولى لرحيل الأكاديمي البارز عباس الجراري، “عميد الأدب المغربي”، الذي أسّس الدّرس الجامعيّ المنقّب في الذات المغربية، وأدبها بمعناه الواسع الشاملِ كلّ أشكال وألسنة الإنتاج الفكري “المثقّف” والشعبي.

وقد عرفت هذه الجلسة التعريف بمؤلّفات طبعت حول الفقيد وتراثه، وما رُثي به في ندوات وعبر كتابات أدبية. كما كشفت “الندوة الثقافية” إعادة طباعة مرجع عباس الجراري حول الزجل المغربي الملحون “القْصيدة” في ثلاثة أجزاء، بمبادرة من أرملته حميدة الصائغ الجراري.

وقال الأكاديمي مصطفى الجوهري إن الراحل الجراري “أستاذ الأجيال، وعميد الأدب المغربي (…) وهو من الأُوَل الذين ساهموا في تأسيس النهضة المغربية الحديثة، وهو ما تعكسه منجزاته وأعماله؛ وبالتالي هو واحد من الذين يشهد لهم بالتطور الملموس في واجهات متعددة، جامعية ومؤسساتية، وجمعوية، وثقافية، وإنسانية، ولم ننفذ بعد لاستقراء جميع معالم منظومته الفكرية”.

وأضاف الجوهري: “ناديهِ نموذج متميز في المجالسة الثقافية، والحوار الثقافي، ولم يدرس بعد بالشكل الذي يجب أن يُدرس به (…) وهذه جلسة وفاء وعرفان لرجل كانت له علاقات الصداقة، والوفاء لوالده وناديه، وأصدقائه، وكل من جالسه في هذا النادي الذي يقترب اليوم من ذكراه المائة”.

محمد الجراري، ابن الفقيد أستاذ جامعي، ذكر أن عباسا الجراري “كان ميالا إلى كل ما هو جميل، محبا لوطنه، وملكه، وتراثه الذي اشتغل به بحثا وتحليلا ودراسة وحديثا، في فنية وبلاغة وسلاسة، وسهولة ممتنعة”.

وأضاف: “في مقام البنوّة عرفت المزيد من مزاياه التربوية والتعليمية، وانفتاح تفكيره، وقبوله للرأي الآخر، ولطفه ويسره”. أما “ما قدمه لأمّته فهو ماثل أمام أعيننا، في ميادين كان فيها من الرواد السابقين، وأعمال جليلة لم ينشرها كلَّها في حياته، وتتطلع إلى إصدارها من الأوفياء من زملائه وطلبته”.

ثم استرسل قائلا: “الوالدة حميدة الصائغ عملت بمثابرة على المرجع الأساس “القْصيدة” وأصدرته في ثلاثة أجزاء، فرفيقة درب العميد لم تستسلم للحزن والوحدة، وأخرجت بمساعدة وتعاون مع أوفياء النادي مجموعة من الكتب”.

أحمد شحلان، أكاديمي متخصص في الدراسات الشرقية، عضو أكاديمية المملكة المغربية، تذكّر عباسا الجراري الذي رافقه “زمنا طويلا في جلساته العلمية، وأقواله الطيبة”، بعدما كان طالبا لدى العميد.

وعاد شحلان إلى بداية النادي الجراري حين “تجبر محتل غاشم أراد أن يفرق بين المرء وأخيه، في مغرب عريق مذ كانَ وهوَ وحدةٌ، من غابر الأزمان وبعد إسلامه، وحدة أقامت إمبراطوريات وممالك كان قوامها مغاربة بصفات ومميزات، وقوة يصعب الانتصار عليها، وأغرى الاستعمار الغاشم البحث عن مدخلات لإحداث شرخ في البناء المحكم، عبر ظهيرٍ كان معولا للتفريق بين أبناء المغرب، الذين لم يتصفوا بصفات غير الإباء والعزة ومحبة التربة وما فوقها وما تحتها، فاهتزت أرجاء المغرب وهادا وجبالا، وقاوم أبناء الوطن هذا الظهير، وكلهم يقرؤون اللطيف وآيَ القرآن (…) بالأمازيغيات، وجميل ما تعبر عنه اللهجات، واللغة العربية”.

وأضاف: “كان من المبرّزين في رد غيّ الاستعمار بالفكر والعلم عبد الله الجراري، ونظر في زمن المغرب وهو المؤرخ الرصين، وتوسّم في المعرفة أعلام النصرة والعزّة، وكان مربض الخيل النادي الجراري، حيث قال المؤرخ الرصين للمستعمر لا للتفرقة، وهو يجمع في روحه بين ذا وذاك؛ أليست أماجيدُ السُّوسِ جزءا من أماجيده؟”.

وتابع الأكاديمي البارز: “ما كان لعبد الله الجراري سلاح من نار وحديد، ليجابه به ما صنعته قوة عالمية غادرة، لكن كان له سلاح الفكر مثله مثل أعلام من أمته، غرست فيهم آي القرآن؛ والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون. وكان مربط سلاحه نادٍ ربط على صلابة، جمع الأمازيغ والعرب، من طلائع الوطنية، جمعهم دينهم وحبهم للوطن (…) منهم الأديب والشاعر وعالم الدين والمشرّع والفنان وصاحب معارف العصر، وتوافدت عليه وفود من أقطار متباعدات، يأخذون من معارف النادي، ويشاركون معارفهم وأخبار أقطارهم، وللنادي سجل حافل في التعارف، والجمع بين المغارب والمشارق”.

وبعد رحيل العالم عبد الله الجراري، “أخذ الشعلة (…) عباس الجراري، الذي له ذكر حسن في المغارب وغير المغَارِب، وهو في عقول من سبقنا إلى الحظوة في النادي، وفي عقولنا نحن الذين شرّفنا فيه (…) ويمثل النادي اليوم عطاء للكرم، ومجمعا عاليا، تدورِس فيه أدبٌ فصيح وملحون، ومحاضرات في الطب والاقتصاد والفلك والسماع والفن الراقي والجميل (…) فكان مدرجا جامعا مانعا، جمع خلّص مريدي المعرفة والعرفان”.

عبد الإله بن عرفة، نائب المدير العام لمنظمة الإيسيسكو، تذكّر بدوره “فقيد المغرب والفكر والثقافة، عميد الأدب المغربي المستشار الملكي وعضو المجامع العربية الأكاديمي عباس الجراري، الذي رحل عن عمر يناهز 87 سنة”.

وأردف قائلا: “درست طفلا على والده العلامة عبد الله الجراري، كاتب الأعتاب الشريفة على عهد الملك محمد الخامس. وكان يدرّسنا تاريخ السيرة النبوية من كتاب العبر والمقدمة لابن خلدون. وقد أسّس عبد الله الجراري النادي الأدبي سنة 1930 بعد صدور الظهير البربري، تحت حكم الحماية الفرنسية، حين انتصب العلماء والأدباء والوطنيون لمقاومة سياسة المستعمر، ضد الفرقة والتمييز بين مكونات المجتمع المغربي”.

وتابع: “هو ناد استمرَّ عقدُه في بيت المؤسس، ثم استلم ابنه عباس الجراري المهمة لمدة تقترب من أربعين سنة”، حيث توالت المحاضرات، التي ألقى بعضها الشاهد حول “الأدب العرفاني”، وأُصدرت عشرات الكتب، وكان فيها النادي “متحفا بامتياز”، تحيطه صور أعلام المشرق والمغرب، ويضمّ الكتب والمخطوطات والتحف التي جمعها عباس الجراري عبر عمره، ويقدّم فيها للصلاة، أقرأ المجلسِ للقرآن، بعد تدارس شؤون الآداب والعلوم والفنون.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أسعار الدواجن البيضاء في مصر اليوم الخميس 9-1-2025
التالى بعد قرار محمود الخطيب.. زيزو يوافق على عرض ممدوح عباس الخيالي ويوقع مع الزمالك