الذكاء الاصطناعي هو فرع من فروع الحاسب الآلي يهتم بإبتكار أنظمة تستطيع أن تؤدي المهام التي ممكن أن يقوم بها الذكاء البشري. ومفهوم الذكاء البشري هو الذكاء القادر على التحليل والتخطيط وابتكار الحلول والإستنتاجات وحسن التصرف وخلق لأفكار وسرعة الفهم.
من أمثلة الذكاء الاصطناعي انشاء محتويات الكتاب سواء كانت مقالات أو منشورات وهو مايناسب الصحفيين والكتاب.
كما يمكن أن تساهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في معالجة الصور وتحسينها ومساعدة الجهات الأمنية في التعرف على الوجوه بهدف خدمة العدالة. وهناك أيضا التطبيقات التي تجيب على الإستفسارات الثقافية والعلمية والاجتماعية. وأيضا التطبيقات الصحية التي تساعد على تشخيص المرض والتنبؤ بالأمراض والمساعدة في تحديد الخطط العلاجية. يساعد الذكاء الاصطناعي أيضا في مجال تكنولوچيا السيارات بحيث يقوم بتطوير المركبات وتحسين السلامة على الطرق السريعة وتقليل الإزدحام المروري واختيار وسائل النقل المناسبة للشركات و الأفراد. أما في المجال المالي فيمكن إستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات المالية وتحديد استراتيجيات الإستثمار مما يساهم في إتخاذ القرارات المالية المختلفة.
ونسرد هنا بعض الأمثلة التطبيقية للشركات والمؤسسات التي قامت بتطبيق الذكاء الاصطناعي. فقد قامت شركة "بلاك روك" الأمريكية لأدارة الاستثمارات باستخدام أنظمة ذكية لمساعدة العملاء في إتخاذ القرارات الإستثمارية المدروسة. كما قام بنك "يوبياس " بإستخدام نظام ذكي في استخراج بيانات وتطوير نماذج تفصيلية للعملاء مما ساهم في تقديم خدمات مالية متطورة. وفي عام ٢٠١٩ استخدمت الهند أنظمة إشارات مرورية تضمنت إستخدام كاميرات متطورة لتحديد مدى كثافة حركة المرور. وفي الولايات المتحدة الأمريكية تم تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي لجمع المعلومات الاستخباراتية وتحليلها واللوچستيات وأنظمة القيادة والتحكم لتكون في خدمة القوات المسلحة. وفي عام ٢٠٢٣ وفي الحرب الفلسطينية الإسرائيلية تم إستخدام نظام "هاسبارا" الإسرائيلي لجمع قائمة المباني المستهدفة ونظام "لاڤندر" لإعداد قائمة بالأشخاص المستهدفين. وفي جامعة ستاندفورد الأمريكية استخدم الباحثون أنظمة ذكية لتحليل صور الأقمار الصناعية بهدف تحديد المناطق ذات مستويات الفقر الأعلى وهو ما مكنها من إعداد استراتيجيات اقتصادية في هذا الشأن. كما تم إعداد دراسة رائدة في كاليفورنيا في عام ٢٠١٦ استهدفت الصيغة الرياضية المتطورة لتحديد الجرعةالدوائية الدقيقة المقوية للمناعة التي ينبغي إعطائها لمرضى ضعف المناعة. وفي نوفمبر ٢٠٢٣ في شركة "ديب مايند" ومختبر "لورنس" في الولايات المتحدة الأمريكية تم تطويرنظام ذكاء اصطناعي حقق قفزة نوعية في مجال علوم المواد بإكتشافه لأكثر من مليوني مادة جديدة ساعدت على تسريع وتيرة الإبتكار المادي وتقليل التكاليف المرتبطة بتطوير المنتجات.
مما سبق نستخلص أن الذكاء الاصطناعي قد امتد ليدخل في معظم الأمور الحياتية. وعلى الجانب الآخر اهتم العلماء بتشخيص مخاوف انتشار الذكاء الاصطناعي. ومن هذه المخاوف أن الإستثمار اللازم لتطوير الأنظمة الذكية لا يتوافر سوى لقلة صغيرة من الشركات والمؤسسات منها شركات التكنولوجيا المتطورة جدا والتي تتمتع بقواعد بيانات مركبة وكثيرة ومجموعة كبيرة من العمال الفنيين من ذوي المهارات المرتفعة. وعلى ذلك تتدفق المكاسب الإنتاجية إلى القليل من الشركات المتقدمة تقنياً وتكنولوجيا. ومن عيوب الذكاء الاصطناعي أيضا هو احتمال إنخفاض العمالة البشرية في كثير من الصناعات وتعريض البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة إلى الإستيلاء وغياب الخصوصية والأمان ، والإقلال من الإعتماد على العنصر البشري مما يؤدي إلى تقليل القدرة على التفكير الذاتي وتحليل المعلومات الأمر الذي بدوره يعوق القدرات العقلية للبشر. كما أن تطوير وتنفيذ الذكاء الاصطناعي يتطلب تكاليف باهظة وخبرة بالتقنيات المتقدمة مما يؤثر سلبياً على توافره في بعض الصناعات.
وقد يكون مناسبا إبراز بعض سلبيات الذكاء الاصطناعي التي واجهتها بعض الشركات. على سبيل المثال تطبيق "ميد جيرني" الأمريكي وهو معمل ذكاء اصطناعي متخصص في انشاء الصور وتعديلها جعل انشاء مقاطع التزييف مقنعة وبتكلفة زهيدة. وفي تقرير آخر ورد أن أدوات إنشاء الصور التي تستخدمها مايكروسوفت تولد صوراً يمكن أن تروج لمعلومات مضللة للإنتخابات والتصويت لها. وفي تصريح آخر روج موقع اخباري صيني ترويجا زائفا مستخدماً الذكاء الاصطناعي وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية تدير مختبرا في كازاخستان لتصنيع أسلحة بيولوجية لمواجهة الصين. وفي كندا إستخدمت خطوط الطيران الكندية الذكاء الاصطناعي في إجراء تسوية لمستحقات أحد عملائها وكانت النتيجة خطأ في رد قيمة مستحقاته بالمخالفة لسياسة الشركة مما أثر سلبيا على سمعة الشركة. وقد اضطرت الخطوط الكندية لتعويض العميل باكثر مما أستحق له. وفي نيويورك وفي إحدى القضايا المدنية أستخدم أحد المحامين الذكاء الاصطناعي لإجراء تحريات وأبحاث قانونية نتج عنها معلومات مغلوطة وغير صحيحة مما أثار غضب القاضي الذي أصدر قراراً بعدم استخدام الأنظمة الذكية في القضايا والشئون القانونية..
وبالرغم من السلبيات التي قد يحدثها الذكاء الاصطناعي في المشاريع المختلفة إلا أن تجنب هذه السلبيات تتطلب منا إلى اللجوء إلى علوم الإدارة وفنونها. حيث يتعين على مدير المشروع أن يبدأ اولا في تحديد الهدف الرئيسي من المشروع وتقييم البنية التحتية للتكنولوجيا القائمة بالشركة ومدى تناسبها وقدرتها وصلاحيتها في استخدام الذكاء الاصطناعي لإستخدام وتنفيذ الذكاء الاصطناعي ووضع خطة مستقبلية دقيقة قابلة للتنفيذ وأبلاغها إلى كل العاملين بالمشروع. كما يتعين على المدير المسئول اختيار ممثلين من جميع الإدارات التي سوف تتأثر بنتائج الأنظمة الذكية. وعليه أن يتأكد أن يكون بينهم جميعاً تنسيق كامل فيما يختص بمتطلبات التنفيذ واختيار النموذج المناسب للنظام الذكي. ومن ناحية أخرى يجب أن يتأكد المدير بأن جميع التطبيقات والتقنيات التكنولوچية تلتزم بمعايير الجودة والحوكمة وتتماشى مع المعايير القانونية والأخلاقية. ويتضمن ذلك الشفافية الكاملة والوضوح التام في دراسة نتائج هذه التطبيقات على مجتمع المال والأعمال. ومن الأهمية أيضاً التمسك بالعنصر البشري في جميع مراحل التخطيط والتنفيذ وخلق روح التعاون والتكاتف بين العاملين بالمشروع. وأخيراً فإن الذكاء الاصطناعي يسهل ويسرع من خطوات كثيرة كانت تستهلك جهداً ووقتاً لتنفيذها إلا أنه يتضمن أيضا مخاطرة تهدد العنصر البشري وصحته العقلية والنفسية ولذلك يجب ألا ننسى أو نتناسى دور الذكاء البشري في إدارة هذا النظام العملاق بكل حرص وفن وعلم لتفادي وقوع الإنسان في عزلة داخل مكتبه مع الآلات والروبوتات فينعدم التفاعل الإجتماعي ويشعر الإنسان بالعزلة ويدخل في حالة من الأكتئاب. وفي الختام اتذكر إحدى المقولات الشهيرة بأن"الأحمق من لايعتمد على الذكاء الاصطناعي ولكن الأكثر حماقة من يعتمد عليه اعتماداً كلياً"