أستاذ العلوم السياسية: «القاهرة» منخرطة فى جميع المشكلات القائمة بالمنطقة بصورة أو بأخرى سواء فى السودان أو القرن الأفريقى وعلاقتها بسوريا وطيدة
اتفاق وقف إطلاق النار فى جنوب لبنان «هش».. وإسرائيل «دولة مأزومة» يشغلها تجاوز عقدة انتهاء الممالك اليهودية خلال 80 عاماً.. وحجم الهجرة المضادة للخارج بالآلاف.. والفكر الصهيونى يقوم على تهجير الفلسطينيين
أكد الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية، أن نهاية عام 2024 اختلفت عن بدايتها، إلى حد كبير، إلا أن هناك بعض القضايا التى تم ترحيلها للعام الجديد، قد تشهد تطورات كبيرة، خاصة فى الأشهر الثلاثة الأولى من 2025، من بينها الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، كما وصف اتفاق وقف إطلاق النار بين جيش الاحتلال الإسرائيلى و«حزب الله»، فى جنوب لبنان، بأنه «اتفاق هش»، مشيراً إلى أن العمليات العسكرية قد تتجدد بين لحظة وأخرى، بسبب الخروقات الإسرائيلية المتعددة.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية، فى حوار مع «الوطن»، أن الأزمة الكبرى فى الإقليم هى أزمة غزة، التى تفرعت منها باقى الأزمات، وشدد على أن مصر هى التى تحقق التوازن فى الموقف العربى، لما لها من مصداقية فى الإقليم كدولة كبرى، وأوضح أن «نسخة ترامب» الجديدة تختلف عن نسخته السابقة فى حساباتها وحضورها، وعلينا أن نفرق بين تصريحاته الانتخابية، وما سيفعله عندما يدخل المكتب البيضاوى، كما لفت إلى أن الصراع بين الولايات المتحدة والصين مرشح ليشهد مزيداً من التصعيد، خلال الأسابيع الأولى من حكم ترامب، الذى يهدد بفرض ضرائب جديدة.
كيف ترى تطور الأوضاع السياسية خلال العام الماضى، وكيف نستشرف ملامحها فى العام الجديد؟
- اختلفت نهاية عام 2024 إلى حد كبير عن بدايته، وهناك قضايا مُرحّلة قد تشهد تطورات كبيرة فى 2025، خاصةً فى الأشهر الثلاثة الأولى، وهناك قضايا ساكنة وأخرى استُحدثت، وقضايا تعايشنا معها، مثل الأزمة السودانية، والأزمة الليبية، وكل الأزمات فى الإقليم تعايشنا معها، رغم امتداداتها وتأثيرها وخطورتها على الإقليم، وهناك مواجهات إقليمية مرحلية، مثل إيران وإسرائيل، لا تزال موجودة، وكذلك الاتفاق الهش والضعيف فى جنوب لبنان، وربما يتم استئناف العمليات العسكرية هناك مرة أخرى، ومن الواضح من الخروقات الإسرائيلية المتعددة، أن هناك فرصة للانفجار، لأن الاتفاق هو عبارة عن نصف اتفاق ونصف حل، وبالتالى نحن أمام سيناريو مفتوح، وأرى أن الأزمة الكبيرة هى أزمة غزة، التى تفرعت منها كل أزمات الإقليم.
لعل هذا ما حذرت منه القيادة السياسية منذ اندلاع أحداث 7 أكتوبر، كيف سيكون الوضع الآن؟
- كل ما نراه من أزمات هو امتداد لهذه الحرب، ومن اليوم الأول، حذرت القيادة السياسية المصرية من امتدادات حرب غزة، حتى الأطراف الوكيلة، التى لعبت دوراً فى هذه الحالة من عدم الاستقرار، سواء الحوثيون أو الفصائل فى سوريا والعراق ولبنان، كان سببه حرب غزة، وكانت هناك معادلة قد تبدو صحيحة، وهى إذا توقفت حرب غزة، قد تهدأ الأوضاع فى المنطقة، وحذرت القيادة السياسية المصرية من أنه إذا تمددت حرب غزة، سيشهد الإقليم حالة من عدم الاستقرار، وموقف مصر كان يؤكد على ذلك فى الأسابيع الأولى للأزمة، ومصر ليست مجرد دولة عادية فى الإقليم، وإنما مصر دولة كبيرة جداً، والرئيس عبدالفتاح السيسى يؤكد على ذلك دائماً، ورغم أن هناك صراعات حالياً على عدد من الملفات السياسية، فإن مصر ستظل دائماً هى الأكثر قدرة على ضبط المشهد السياسى والأمنى والاستقرار فى الإقليم بصورة أو بأخرى، وبالتالى فى عام 2025 لن تتغير قواعد اللعبة المستمرة منذ العام الماضى.
فى رأيك، كيف يمكن وقف الحرب فى غزة حتى يعود الهدوء مرة أخرى إلى المنطقة؟
- سنبدأ مرحلة الترتيبات الأمنية، وستكون مرتبطة بعدة أمور، أولاً دور مصرى رئيسى ومركزى، ودور لبعض الأطراف الوكيلة، مثل تركيا والسعودية وقطر، وسيكون هناك أربعة تحديات رئيسية مطروحة فى الإقليم، أولها إنجاز الترتيبات الأمنية والاستراتيجية، وتشمل مصر والدول الأخرى، تركيا وإسرائيل وإيران، فهى من سيحدد شكل الإقليم، وهى الدول المنخرطة فى تفاصيل كل ما يحدث فى المنطقة، إسرائيل هى من أحدثت حالة عدم الاستقرار فى الإقليم بشكل عام، ولذلك لا بد أن تكون جزءاً من عملية التسويات المشتركة فى الإقليم، مع لبنان وسوريا والجانب المصرى، فى إطار بروتوكول أمنى جديد، الذى يتضمن إجراء تعديلات فى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
هناك مخاوف إسرائيلية من الجيش المصرى لأنه مدرب ومصنَّف من جميع التقارير الدولية وحصل تطور كبير فى بنيته العسكرية.. وفى ذكرى مرور 50 عاماً على «نصر أكتوبر» تم توجيه رسائل ردع
ما تفاصيل البروتوكول الأمنى الجديد والتعديلات المقترحة على معاهدة السلام؟
- الإسرائيليون طلبوا، بعدما نشرت مصر جيشها فى سيناء بالكامل، تعديل البروتوكول الأمنى، ولم يعد هناك «كامب ديفيد» بالشكل المتعارف عليه للمناطق «أ، ب، ج، د»، بعد أن انتشر الجيش فى كل سيناء، فإنهم يقولون فى دوائرهم إن السماح لمصر بدخول جيشها فى المناطق القريبة من الحدود كان فى إطار الحرب على الإرهاب، وإن هذه الحرب انتهت، وعلى المصريين أن يعيدوا صياغة معاهدة السلام. وسبق أن عدّلت مصر بروتوكول محور صلاح الدين، فما الأزمة فى تعديله مرة أخرى، خاصةً أن وجودهم فى محور صلاح الدين هو جزء من تحسين شروط التفاوض، وبالمناسبة فإسرائيل تريد الخروج من ممر صلاح الدين، والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية تقول: نرجو ألا نستفز مصر، لأن استفزاز مصر سيدخلنا فى مواجهة كبيرة مع جيش نظامى، ليس مجرد فصيل أو ميليشيا. وهناك تقدير عالٍ جداً لمعاهدة السلام مع مصر، ويقولون إنه منذ إبرامها لم ندخل فى صراع مع مصر، وهناك تجربة سلام متبادل. فهناك مخاوف إسرائيلية من الجيش المصرى، لأنه مدرب ومصنَّف من جميع التقارير الدولية، وحصل تطور كبير فى بنيته العسكرية، وفى ذكرى مرور 50 عاماً على حرب أكتوبر، وجَّه الرئيس السيسى العديد من رسائل الردع.
وماذا عن المشكلات الأخرى فى باقى الإقليم؟
- مصر منخرطة فى كافة المشاكل القائمة بالمنطقة بصورة أو بأخرى، سواء فى السودان أو القرن الأفريقى، وهناك إشكاليات ستكون موجودة ومرتبة بدور مصر، والحديث الآن عن الاعتراف الدولى والأمريكى بدولة أرض الصومال، ومصر أعلنت أن لها قوات مصرية هناك، وهى قوات حفظ سلام، وفى تقديرى فهى رسالة ردع استباقية لإثيوبيا، فعلاقتنا مع الصومال علاقة تاريخية وكبيرة، وليس شرط إنشاء قواعد عسكرية هناك، فمصر لها حضورها الحقيقى، وهى دولة سلام وليست دولة معادية، والعقيدة القتالية للمقاتل المصرى هى أنه لا يبدأ بالعدوان، وكذلك الدور المصرى موجود فى ليبيا والسودان، وهو دور يجمع بين أمرين، إما دور الوساطة، وإما الحضور فى الاجتماعات بين الأطراف المختلفة.
وماذا عن الموقف المصرى فيما يتعلق بالملف السورى؟
- ملف سوريا ليس شائكاً، وليس مطلوباً من مصر أن تقلد الآخرين، بمعنى أن علاقة مصر بسوريا علاقة وطيدة وشعب واحد، ونحن نفرق بين التعامل مع الإدارة، والتعامل مع الدولة، فالدولة بشعبها ومقدراتها شىء، والإدارة شىء آخر، ومصر لا تعادى أى إدارة، ولها قرارات مرتبطة بأمنها القومى ودبلوماسيتها الحكيمة، وفى تقديرى ينظر الجميع إلى مصر، والسؤال المطروح من الجميع: أين مصر؟، لأن مصر هى التى تحقق التوازن فى الموقف العربى، الجميع ذهب إلى سوريا، والقضية هى: هل مصر تعادى الإدارة الجديدة فى سوريا؟، الإجابة: «لا تعادى»، بالعكس هناك رسائل إيجابية، ووزير الخارجية يتبع سياسة دبلوماسية الهواتف، ويتصل بكل الأطراف، ونحن ليست لدينا مشكلة أو عداء مع الإدارة السورية، ولكننا نتحسب بتفاؤل وبحذر، ونؤيد خيارات الشعب السورى.
ما تأثير المجتمع الدولى ودور القوى الكبرى فى تهدئة هذه التوترات؟
- بعد أيام، ندخل مع بداية عهد جديد للإدارة الأمريكية الجديدة مع الرئيس دونالد ترامب، وللعلم فإن النسخة الجديدة لترامب تختلف عنه فى نسخته السابقة، بمعنى أن النسخة السابقة كانت لها حساباتها وحضورها فى وقتها، واليوم الرئيس الأمريكى سوف يشتبك مع قضايا العالم، وعلينا أن نفرق بين أمرين، تصريحاته التى يقولها أثناء حملته الانتخابية، وبين ما سيفعله عندما يدخل المكتب البيضاوى، فهو لن يستطيع أن ينهى حرب روسيا وأوكرانيا فى يوم، أو فى اتصال هاتفى، وهى تصريحات إعلامية تبقى فى إطارها، وبالتالى سيتعامل ترامب بمنطق رشيد، على عكس ما هو متوقع، خاصةً أن «الكونجرس» أقر تعيين الرئيس الجديد فى ذكرى اقتحام «الكابيتول»، وهى رسالة يرسلها الأمريكيون للعالم بأنهم تجاوزوا حادثة اقتحام «الكونجرس»، وبالنسبة للأزمة الأوكرانية، فأرى أنه لن يمكن حلها فى الشهور الأولى لرئاسة ترامب، ومن المتوقع أن تبقى أوكرانيا فى حالة صراع مع روسيا، كما أن أوكرانيا قد لا تقبل ما سيطرحه الرئيس الأمريكى الجديد، إلا أن الأمر الأكثر خطورة هو كيف سيتعامل ترامب مع حلف الناتو، فالتكلفة عالية جداً، ولذلك تفكر كل من فرنسا وألمانيا فى تكوين فيلق أوروبى جديد، لأنهما يريان أن ترامب غير مأمون، وهناك حالة من القلق فى حلف الناتو.
فى تقديرك، كيف سيتعامل «ترامب» مع الصين؟
- هناك صدام بين أمريكا والصين، وهذا الصراع مرشح للزيادة فى أول أسابيع من حكم ترامب، خاصةً أنه هدد بفرض ضرائب جديدة، كما سيعمل على تحجيم التجمعات المناوئة لأمريكا، وسيتعامل مع تجمع «بريكس»، محاولاً إفشاله، كما هدد بالانسحاب من اتفاقيات دولية، لأنه يرى أن هذه الاتفاقيات تفرض تكلفة على الولايات المتحدة دون عائد منها، وهناك بعض الأزمات العالمية المرشحة للاشتعال، منها على سبيل المثال، النزاع بين الصين وتايوان، والأزمة فى شبه الجزيرة الكورية، كما أن هناك أزمات تحت الرماد قد تندلع بشكل مفاجئ، ويمكن القول إن هناك 36 نزاعاً قيد الاشتعال حول العالم، منها 10 أزمات قريبة جداً من الاشتعال، لكن المؤكد أن العالم لن يشهد حرباً نووية.
وما شكل العلاقة بين أمريكا وروسيا من وجهة نظرك؟
- من مصلحة أمريكا أن يحدث توافق مع روسيا، لأن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين له رؤية جيدة عن الرئيس ترامب، وبينهما علاقة جيدة إلى حد ما، كما أن ترامب لا ينظر إلى روسيا على أنها عدو، ومن الممكن أن يكون هناك تخفيف لمنظومة العقوبات، وبالتالى سيكون لذلك انعكاس على حل مشاكل فى الإقليم، مثل أزمة سوريا، وينعكس أيضاً على ليبيا ومصر، وروسيا موجودة فى سوريا من خلال قاعدتين عسكريتين، قد يبدأ تخفيف الوجود فيهما، ويكون هناك تنسيق مع الأمريكيين فى المناطق التى بها تماس، وفى ليبيا نفس الأمر، وسيخدم مصر بهذا، لأنه إذا خفّت الصراعات بين واشنطن وموسكو سيكون هناك ارتداد على الأطراف الرئيسية، وأرى أن الستة أشهر الأولى من إدارة ترامب قد تشهد بعض التطورات، منها عودة الأمريكيين إلى المنطقة برؤية مختلفة، منها على سبيل، السعى لبناء قاعدة عسكرية فى الأردن، قد تكون أكبر قاعدة أمريكية، تتجاوز الموجودة فى قطر، وإعادة تموضع الأسطولين الخامس والسادس فى المنطقة، وبالتالى قد تدفع الولايات المتحدة باتجاه «عسكرة» الإقليم، وبالتالى سيكونون موجودين كأطراف شريكة فى الإقليم، ولن يخرجوا من سوريا، وإذا اتسعت مساحة الضربات فى سوريا، ستكون هناك سيناريوهات مختلفة.
ما أبرز السيناريوهات المتوقعة فى هذا الشأن؟
- السيناريو الأول ربما يتعلق بتعثر العملية الانتقالية فى سوريا، خاصةً أن أحمد الشرع، رئيس الإدارة الجديدة فى سوريا، قال إن العملية الانتقالية وكتابة الدستور ستأخذ من ثلاث إلى أربع سنوات، فى حين أن الأمر لا يحتاج كل هذا الوقت، وأرى أنها مدة طويلة جداً، والشواهد تقول إن المجتمع الدولى يراقب، وعلينا أن نفصل بين الاعتراف بالنظام الجديد، وبين التعامل معه، فقواعد القانون الدولى تفرق بين أمرين، ولا بد من الاعتراف الرسمى بالنظام الجديد، وإذا لم يكن هناك بديل، فسيكون التواصل معه دون اعتراف رسمى، فالعالم سيظل خلال الفترة المقبلة يراقب سلوك أحمد الشرع، ولكن إذا وجده لا يسير فى الطريق الصحيح، ستكون له مواقف أخرى، والشواهد هى التى ستشكل الرؤية لهذا النظام، وحتى هذه اللحظة هناك حفاوة بهذا النظام، وسيُحكَم عليه من أفعاله وليس أقواله.
كيف يمكن للمجتمع الدولى إيجاد حلول حقيقية لإنهاء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة؟
- الولايات المتحدة تسعى لترتيبات أمنية كاملة فى قطاع غزة والضفة الغربية، وسيكون الاعتماد الأكبر على مصر، وليس على أى طرف آخر، الأمريكيون يحتاجون إلى دور مصر، لكنهم سيسعون إلى مضايقة مصر من خلال استقطاع جزء من المعونة العسكرية وتوجيهها إلى لبنان، والحديث عن الحريات وما شابه، وكل هذا لتضغط مصر على حركة حماس لإنهاء الاتفاق، ونحن نتعامل بمنطق أخلاقى محترم، ونحاول ترتيب الوضع الفلسطينى من الداخل.
فى تقديرك، من سيخلف يحيى السنوار فى قيادة حماس؟
- هناك لجنة إدارية من حركة حماس تدير القطاع، ووفق المعلومات المتوافرة سيتم تعيين رئيس مكتب سياسى وليس أميناً عاماً للحركة، وإذا حصل اتفاق بين فتح وحماس على لجنة الإسناد، فالأمور ستسير كما هى، وحماس سترشح بعض الأسماء غير المحسوبة عليها، من التكنوقراط والفنيين والخبراء، وكذلك باقى الفصائل، والرئيس محمود عباس «أبومازن» سيُصدر قراراً بهم وبدورهم. ومن أبرز المرشحين حالياً محمد السنوار، شقيق يحيى السنوار، وهو القائد الحقيقى للحركة، وأهميته فى إسرائيل أهم من «يحيى»، حيث إن «يحيى» كان يمثل رمزاً، أما «محمد» فتعتبره إسرائيل الشخص الأهم والأخطر، وهو حالياً قائد الجناح العسكرى فى غزة، وسيكون له القرار الرئيسى فى ترشيح رئيس المكتب السياسى الجديد، والأسماء المرشحة لهذا المنصب أبرزها خليل الحية، ويُعتبر صاحب الفرص الأكبر، واختيار رئيس المكتب السياسى سيكون من أعضاء المكتب والجناح العسكرى للحركة.
هل تتوقع عودة الصراع مرة أخرى على الجبهة اللبنانية؟
- نعم، وسيكون هذا الأمر خطراً رئيسياً، ولا نستبعد حدوث مواجهة بين إيران وإسرائيل، خاصةً أن إسرائيل ترى أن لديها وفرة قوة، وأعتقد أن ترامب سيرفض أى خيار عسكرى إسرائيلى ضد إيران، على عكس بايدن، وهناك رسائل مهمة، وهى أن قدرة إسرائيل على إدارة الشرق الأوسط غير واردة، وتوسيع مساحتها باحتلال الجولان ما هو إلا للاستهلاك الإعلامى، وقدرة إسرائيل على العمل العسكرى محدودة، عكس ما يشاع، فإنها تعمل على تأمين وجودها فى الإقليم، لكنها لن تستطيع أن تحارب على سبع جبهات، كما يقول نتنياهو.
وكيف ترى تصريح نتنياهو بأنه سيغير شكل الشرق الأوسط؟
- يغيره لو كان يستطيع، فما هى حسابات القوى الشاملة لإسرائيل حتى تتمكن من أن تدير الشرق الأوسط؟ إسرائيل منتكسة وفى حالة إخفاق، والصواريخ تضرب المدن الإسرائيلية الكبرى، هذه الصواريخ تنطلق من شمال غزة، رغم كل التدمير الذى حدث فى القطاع، فما زالت لدى حماس قدرة عسكرية داخل القطاع، إضافة إلى أن جماعة الحوثيين اليمنية تمطر إسرائيل بالصواريخ يومياً، وإيران الآن لا تستطيع السيطرة على الحوثيين بصورة كاملة، فهناك استقلالية للحوثيين فى ذلك، خاصةً بعد الخسائر التى تكبّدها حزب الله بسبب القيود الإيرانية، وبالمناسبة حزب الله ما زال يمتلك ترسانة عسكرية من الصواريخ بعيدة المدى، ورغم ما حدث من اغتيال قيادات الصف الأول، والعشرات من قيادات الصف الثانى، فإن القدرة والبنية العسكرية لا تزال موجودة، وهناك تقديرات أن حزب الله، خلال من ثلاث إلى خمس سنوات، يمكنه أن يستعيد قوته بالكامل، أما بالنسبة لحركة حماس فسيكون أمامها أكثر من 20 سنة حتى تستعيد قوتها، لأن ما حصل فى حماس هو أن إسرائيل دمرت البنية العسكرية للحركة واحتلت القطاع، وإسرائيل حالياً فى قطاع غزة تنفذ خطة الجنرالات، وهى خطة وضعها مجمع الاستخبارات الإسرائيلى، تتعلق بإمكانية اجتياح شمال القطاع، وتم تنفيذ نحو 80% منها، وإغلاق الممرات الثلاثة «نتساريم وصلاح الدين وديفيد»، سيكون لهم مراقبة عليها، والهدف منها عدم عودة أى شخص ينتمى لفصائل عسكرية أو مسلحة، ولن يكون قطاع غزة كما كنا نعرفه جغرافياً.
هل ما زالت فكرة تهجير الفلسطينيين خارج قطاع غزة قائمة لدى الاحتلال الإسرائيلى؟
- نعم، وأنا أحذر من أن الفكر الصهيونى يعتمد على فكرة الترحيل والتهجير للخارج، وهناك أكثر من 30 مشروعاً لعملية تهجير أهالى غزة إلى سيناء، ومشروعات شيطانية أخرى، مثلاً يقولون إن لدينا أكثر من مليون ونصف المليون وحدة سكنية فارغة فى مصر، فنأخذها ونشتريها ويتم تسكين أهالى غزة فيها، ومشروع آخر هو التهجير على مراحل، وعمل تجمعات فى سيناء، وغيرها من المشروعات، وهناك مشروعات جادة وأخرى غير مدروسة، والفكرة قائمة، ولكن مصر تقف حائط صد أمام هذه المشروعات، ولن نسمح بمناقشة هذا الموضوع، وهناك خلفيات لهذا، منذ الرئيس حسنى مبارك، وتبادل الأراضى بإعطاء مصر أرضاً من صحراء النقب، وأخذ أرض من العريش لإنشاء كيان فلسطينى، ولكن الرئيس مبارك رفض هذا المشروع بشكل كامل، كما عرضت الولايات المتحدة 40 مليار دولار، ومبارك رفض، وكذلك تم عرض مشروعات مماثلة على الجانب الأردنى، منها إنشاء وطن بديل للفلسطينيين.
كيف ترى الداخل الإسرائيلى؟
- إسرائيل دولة مأزومة، حيث إن هناك أزمات عديدة فى المجتمع الإسرائيلى، وتحاول البحث عن الاستقرار والحياة فى الإقليم، وما يشغل عقل إسرائيل الآن، هو البقاء فى الإقليم لمائة عام، وهى الآن عمرها 75 سنة، وترغب فى تجاوز عقدة 80 عاماً، وهى عمر انتهاء كل الممالك اليهودية، كما أن المجتمع الإسرائيلى أصبح طارداً لليهود، وتزايد حجم الهجرة المضادة خارج إسرائيل بالآلاف، غالبيتهم عقول فى مجال التكنولوجيا، والعديد من المفكرين والباحثين والأطباء، لأنه أصبح مجتمعاً غير آمن، وهناك صراع كبير بين العسكريين على القوة، والقضية لم تنتهِ، وما زالت الصواريخ تطلق على إسرائيل، وأصبح الشخص الإسرائيلى غير آمن على حياته، مما يدعم فكرة أن إسرائيل ستبقى دولة «ترانزيت»، إلى حين العثور على بديل لنتنياهو، الذى من المقرر أن يبقى فى السلطة حتى نوفمبر 2026، كما أن غالبية الوزراء الذين يهاجمون الحكومة الإسرائيلية يعيشون فى مستوطنات، لا يتحدثون كمسئولين وإنما كمستوطنين، يريدون العيش على الأرض، وبعضهم يريد تحويل الصراع إلى صراع دينى وليس صراعاً عسكرياً.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.