انتقل الخلاف بين حزب العدالة والتنمية ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، إلى داخل الغرفة الأولى للبرلمان المغربي، بعدما شهدت المناقشة التفصيلية لمشروع قانون المالية، الثلاثاء الماضي، ملاسنات قوية بين نواب الحزبين، إثر عد النائب البرلماني عن “البام” عادل البيطار أن إصدار “البيجيدي” بلاغا ضد وهبي والدفع بأن “الأخير استهزأ بحديث نبوي” ينطوي على “ترهيب فكري وسياسي”، ما أثار حفيظة نائبات عن المجموعة النيابية لـ”البيجيدي”.
رئيس المجموعة النيابية، الذي لم يحضر هذه الملاسنات، دخل بدوره على خط النقاش؛ إذ رفض “إلقاء حزبه بهذه التهمة، التي تعد في الواقع الترهيب بعينه، حيث تمثل دعوة لهيئة سياسية معارضة للسكوت والكف عن التعبير عن مواقفها بخصوص مسائل وقضايا وطنية، وهو حق يكفله الدستور في نهاية المطاف”، عادّا أن “الجميع على علم بأن الحزب ذو مرجعية إسلامية، ويخضع أي نقاش لميزانها، وعلى هذا الأساس حق له أن ينتقد [استهزاء] الوزير بحديث نبوي شريف”.
في المقابل، تمسك الفريق النيابي للأصالة والمعاصرة بالتصريحات الواردة على لسان نائبه البرلماني؛ إذ اعتبر أن “المصباح” لا يملك “صلاحية الإفتاء في من يجب أن يغادر قطار الحكومة أو يبقى فيه”، رافضا “محاولة الحزب التكسب السياسي من خلال إدخال الدين في قضايا ذات صبغة اجتماعية، في الوقت الذي يعد تدبير الشؤون الدينية والدفاع عن ثابت الإسلام اختصاصا حصريا لمؤسسة إمارة المؤمنين”.
رد “البيجيدي”
عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، انتقد “تحويل النائب سالف الذكر وعدد من نواب حزبه المناقشة التفصيلية لقانون المالية إلى حصة لمهاجمة العدالة والتنمية، في الوقت الذي كان يجب أن يحصر النقاش البرلماني حول القضايا الكبرى التي تهم المواطن المغربي، طبقا لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب”.
وعد بوانو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ما كيل للحزب من اتهامات خلال المناقشة هو ما يعد ترهيبا حقيقيا للعمل والتفكير السياسيين؛ إذ يبدو منطويا على محاولة لإسكات صوت العدالة والتنمية الذي يمارس الحق في التعبير عن رأيه في قضايا تهم جميع المواطنين، وهو الحق الذي كفله الدستور والقوانين التنظيمية للأحزاب لهذه الهيئات السياسية”.
وأضاف رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية أنه “كان أولى بأعضاء ونواب الأصالة والمعاصرة الذين انبروا للرد على بلاغ حزب العدالة والتنمية من خلال الدفاع عن وزير العدل أن يبقوه على رأس الأمانة العامة لحزبهم”، لافتا إلى أن “مطلب مغادرة وهبي لم يكن مطلبا حزبيا خالصا، بل يتشاطره عدد من المحللين والمنتمين إلى قطاع العدل وشريحة واسعة من عموم المغاربة”.
وشدد بوانو على أن “وزير العدل حينما يتحدث عن مسائل وقضايا ترتبط بتخصصه، مثل نقاش مشروع قانون المسطرة المدنية، فالحزب لا يؤاخذه على ذلك”، لافتا إلى أن ما يرفضه “البيجيدي” “هو استدعاء وهبي لأحاديث نبوية شريفة صحيحة بطريقة استهزائية، وهو الذي يتبوأ منصبا حساسا يفرض مستوى معينا من الخطاب”.
وتابع رئيس المجموعة النيابية أن “الحزب يؤكد علانية ولا يخفي ذلك أنه مغربي ذو مرجعية إسلامية، يجتهد في إطارها ويدافع عنها ويناقش جميع القضايا السياسية والمجتمعية في أفقها، فيصدر آراء ومواقف. غير أنه لم يقل يوما إنه يحتكر الخطاب الديني أو الإسلام برمته، أو ينطق باسمه”، مضيفا أن “المصباح” بهذا المعنى إنما “نبه إلى أن استهزاء الوزير بالحديث النبوي الشريف كان منافيا لثوابت الأمة، وكان أحرى به أن يعتذر عن الموضوع”.
“البام” يتمسك
أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عبر عن تأييده لتصريحات البيطار من “أولها إلى آخرها”، مسجلا أنه “لا حق لحزب العدالة والتنمية أو غيره في الإفتاء بمن يجب أن يغادر الحكومة أو يلتحق بها في إطار التعديل الحكومي؛ فأحزاب الأغلبية التي صعدت بقوة صناديق الانتخابات لها الحرية التامة في اتخاذ هذه القرارات”، مضيفا أن “ما ورد في بلاغ حزب العدالة والتنمية لا يعدو كونه مزايدات سياسية فارغة المعنى؛ فمن هو حتى يسائل رئيس الحكومة عْلاشْ خَلِّيتي هذا عْلاشْ ضَفْتي هذا؟'”.
وأضاف التويزي، مصرحا لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “حكومة البيجيدي الأولى برئاسة عبد الإله بنكيران شهدت مغادرة والتحاق ما يصل إلى 28 وزيرا جديدا لتشكيلتها، ولم ينتقد الأصالة والمعاصرة، وكان حينئذ في المعارضة، بقاء أي وزير أو مغادرته”.
وتمسك رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب بانتقاد “دفع حزب العدالة والتنمية باستهزاء وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بالدين، الذي يكشف عن توظيف مرفوض من قبل هذا الحزب للدين مطاردة لمكاسب سياسية”، مردفا: “من غير المقبول أن يسوق هذا الاتهام في الوقت الذي يعد تدبير المجال الديني والحديث فيه اختصاصا حصريا لمؤسسة إمارة المؤمنين في نهاية المطاف”.
وتساءل التويزي: “هل يريد البيجيدي استنساخ تجربة جماعة الإخوان المسلمين في المغرب؟”، مضيفا: “أما إثارته للمسائل والقضايا الأخلاقية في تفاعلاته مع خرجات مسألة وهبي، فتلك نقطة أخرى فيها نقاش كبير”. وزاد: “الحزب، منذ حسم المغاربة وجهة نظرهم فيه في صناديق 08 شتنبر، أصبح يتخبط فقط”.