سجل تقرير صادر عن “المجلس الأطلسي”، وهو مركز تفكير أمريكي، أن “المغرب حقق تحسنا كبيرا في جميع الأبعاد المؤسسية خلال العقود الثلاثة الماضية، كما يقاس ذلك من خلال التقدم في مؤشر الحرية”.
وأضاف التقرير أن “المملكة مرت بفترة الربيع العربي التي هزّت بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ونتيجة لذلك، نشأت فجوة متزايدة بين التحسن المستمر في المغرب وبين التدهور في المتوسط الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2013، على الرغم من أن هناك العديد من المجالات التي لا يزال المغرب بحاجة إلى مواصلة جهوده الإصلاحية بشأنها”.
وأشارت الوثيقة سالفة الذكر إلى الانفتاح المغربي التاريخي على التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي، مبرزة أن “اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2000، والذي أنشأ منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، أسهمت في توسيع فرص التصدير. ومع ذلك، فإن تركيز العلاقات مع أوروبا ساهم في إبطاء التكامل الاقتصادي مع الدول المجاورة؛ لكن من المحتمل أن يعزز توقيع اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية من تدفق التجارة والاستثمار بين المغرب وبين بقية إفريقيا في العقود المقبلة”.
ولفت المصدر عينه إلى الجهود التي بذلتها السلطات المغربية لتقليص الاقتصاد غير المهيكل، معتبرا في الوقت ذاته أن هذا الاقتصاد غير الرسمي يعمل على امتصاص الصدمات؛ إلا أن اعتماد نهج أكثر شمولا والحد من الحواجز التي تحول دون الدخول إلى القطاع الرسمي هو السبيل إلى الحد من الاقتصادات غير المهيكلة.
وسجل التقرير أن “مؤشر الازدهار أظهر، منذ عام 1995، تحسنا مستمرا في مستويات المعيشة في المغرب؛ وهو ما أدى إلى تقليص الفجوة مع متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع الإشارة إلى أن المتوسط الإقليمي يشمل العديد من الدول قليلة السكان والغنية بالنفط، مثل دول الخليج، وهو ما يفسر جزئيا هذه الفجوة المستمرة”.
في المقابل، أبرز المصدر ذاته وجود بعض التفاوتات الترابية بين المناطق المغربية، حيث إن “الوصول إلى التعليم الابتدائي في المغرب على سبيل المثال أصبح شاملا؛ إلا أن جودة التعليم غير متساوية، حيث إن جودة التعليم أقل بكثير في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية، مما يزيد من تفاقم التفاوتات المكانية، كما أن حالة النظام الصحي ليست بعيدة هي الأخرى عن ذلك”.
وعلى العموم، أكد التقرير أن “المملكة المغربية أحرزت تقدما ملحوظا نحو التحول الاقتصادي؛ لكن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لتحقيق التوازن في تنميتها الاقتصادية”، مضيفا أن “تجربة المغرب في التنمية الاقتصادية غير متوازنة؛ فمن جهة هناك تطور سريع، ومن جهة أخرى لا يزال الفقر منتشرا، خاصة في المناطق الريفية”.
وأوضح أن “الخطر على المغرب هو أنه قد يظل عالقا في ما يُسمى ‘فخ الدخل المتوسط’؛ مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية.. وبالتالي، لإعادة إشعال النمو وتحويل اقتصادها، يجب على المغرب تحقيق تكافؤ الفرص، والاهتمام بهيكل السوق وتعزيز المنافسة؛ وهو ما ينعكس على تحفيز الإنتاج وخلق فرص شغل عديدة”، موردا في هذا المثال قطاع الاتصالات بالمغرب، الذي أكد أن “الممارسات المنافية للمنافسة جعلت تكلفة وجودة الخدمات الرقمية باهظة”.
وبيّن أن “المنافسة غير العادلة تؤدي إلى تثبيط الاستثمار الخاص، مما يقلل من عدد الوظائف ويمنع العديد من الشباب الموهوبين من الازدهار”، مؤكدا أن “المغرب تبنى إطار عمل للمنافسة لتعزيز المنافسة المفتوحة؛ ولكن الاستقلالية المحدودة للسلطة المختصة بالمنافسة تقلل من قدرتها على تشكيل هيكل السوق في الاقتصاد بشكل حاسم”.