تعتبر الأشهر في التقويم القبطي جزءًا أساسيًا من التراث الثقافي والديني في مصر، حيث يمثل كل شهر دورًا مهمًا في حياة المصريين اليومية،تتجاوز أهمية التقويم القبطي الجانب الزمني ليشمل أيضًا الجوانب الزراعية والدينية والاجتماعية،من هذا المنطلق، نشأت العديد من العادات والتقاليد التي ترتبط بالأشهر المختلفة، مما يجعلها تجسيدًا مباشرًا لثقافة الشعب وحياته الروحية والطبيعية،وفي هذا السياق، يأتي شهر طوبة، ليكون تجسيدًا بارزًا للشتاء وزراعة المحاصيل، مما يستحق تسليط الضوء عليه.
بداية شهر طوبة وبياناته
يبدأ شهر طوبة في التقويم القبطي في 9 يناير وينتهي في 7 فبراير، ومع اقتراب هذا الشهر، يتزامن يوم الاثنين 5 يناير مع 27 كيهك 1741،تتجلى أهمية شهر طوبة في كونه يحمل في طياته نذير الخير والنماء، حيث يستمر لمدة ثلاثين يومًا،هذا الشهر يكتسب أهمية خاصة في السياق الزراعي لدى المصريين، إذ يتزامن مع فترة البرد القارس التي تعود على الحقول بالتعافي والخضرة.
أهمية شهر طوبة في الزراعة
يُعتبر شهر طوبة موسمًا في غاية الأهمية لزراعة المحاصيل الزراعية، حيث يساهم الطقس البارد في تعزيز نمو القمح والشعير،فهذه الفترة ليست فقط فترة راحة للحقول، بل هي أيضًا الفترة التي تكتسب فيها المحاصيل قوتها،ولذلك؛ يشير المثل الشعبي المصري “طوبة تخلي الشابة كركوبة” إلى برودة الطقس وقسوته، مما يؤكد على مكانة هذا الشهر في التقاليد الزراعة.
مناخ شهر طوبة
يسود شهر طوبة مناخ بارد ورطب يتخلله بعض الرياح النشطة في بعض الأحيان،ينخفض عدد ساعات النهار في هذا الشهر بينما تزداد ساعات الليل، مما يساهم في خلق أجواء دافئة وسط العائلات وتقوية الروابط الاجتماعية،حيث إن وجود أوقات طويلة في الليل يتيح للأسر الاجتماع حول النار والحديث، وهذا التقليد يعبر عن أهمية العلاقات الأسرية في المجتمعات المصرية.
ترتيب الأشهر في التقويم القبطي
يبدأ التقويم القبطي سنويًا في 11 سبتمبر ويستمر حتى 10 سبتمبر من العام التالي، ويتكون من 13 شهرًا،ترتيب الأشهر هو كالتالي شهر توت، بابه، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسرى، والنسئ،كل شهر له مميزاته الخاصة ويعكس طبيعة الحياة الزراعية والدينية للشعب المصري.
في الختام، يمثل شهر طوبة صورة واضحة للتقلبات المناخية وللتغيرات الزراعية التي يعيشها المصريون،لقد أصبح هذا الشهر جزءًا لا يتجزأ من حياتهم وتراثهم الثقافي،إذ أن التعرف على هذا الشهر وفهم رمزيته يساعد على إدراك العمق التاريخي والحضاري الذي يخص المجتمع المصري، كما يظهر كيف أن الطبيعة والزراعة يعكسان وجهًا من أوجه الهوية الثقافية.