عرفت مباراة كأس السوبر الإيطالي التي أطلقت في عام 1988 التنقل ما بين العديد من الملاعب داخل القارة العجوز وخارجها على نحو مثير، إذ كانت سبّاقة في هذا الميدان (تسويقيًا) واستثمرت بشكل جيد قوة الكالتشيو في فترة تسعينيات القرن الماضي ومطلع الألفية الجديدة.
وعلى عكس ما يجري في إنجلترا حيث يعتمد ملعب ويمبلي لإقامة مباراة الدرع الخيرية (التي تمثل مباراة السوبر في بقية البلدان) أو ما يجري في ألمانيا حيث تُقام المباراة في أرض الفريق حامل لقب الكأس، فقد جرت العادة أن تقام مباراة كأس السوبر الإيطالية في ميدان الفريق المتوج ببطولة الدوري، وهو ما منح الأفضلية التاريخية لأبطال (السيري A) لكي يتوجوا باللقب على حساب أبطال (الكأس).
ملعب سان سيرو في مدينة ميلانو استضاف النسخة الأولى من كأس السوبر الإيطالي التي جمعت ميلان (بطل الدوري) مع سامبدوريا (بطل الكأس) ولكنها لم تحظَ باهتمام جماهيري كبير؛ إذ شهدها نحو 14 ألف متفرج فقط في الملعب العملاق، وربما كان السبب في ذلك توقيتها، حيث أقيمت بتاريخ الرابع عشر من يونيو عام 1988 أي بعد أربعة أيام من انطلاق منافسات اليورو التي استضافتها ألمانيا، حيث غاب أبرز وأهم نجوم الفريقين عن المباراة.
الاتجاه غربًا نحو الولايات المتحدة
تقاطعت المصالح المشتركة بين منظمي مونديال 1994 في الولايات المتحدة للترويج للعبة كرة القدم، مع رغبة الاتحاد الإيطالي في تسويق مباراة السوبر بشكل جيد واستثمار الفترة الذهبية التي تمر بها الأندية الإيطالية في تلك الفترة، فتمت الموافقة على إقامة مباراة كأس السوبر الإيطالي في عام 1993 ما بين ميلان وتورينو في ملعب روبرت كينيدي في العاصمة واشنطن، وانتهت بهدف دون رد لصالح الروسينييري الذي توج بلقبه الثالث في المسابقة.
لكن الحضور الجماهيري القليل الذي لم يزد عن 25 ألف متفرج لم يشجع على تكرار التجربة والخروج عن الحدود الإيطالية إلا بعد تسع سنوات لاحقة.
السوبر الإيطالي في ليبيا
تكللت العلاقة الطيبة بين نادي يوفنتوس ونجل الرئيس الأسبق لليبيا الساعدي القذافي في إقناع مسؤولي الكرة الإيطالية بإقامة مباراة كأس السوبر عام 2003 في مدينة طرابلس وتحديداً في ملعب الحادي عشر من يونيو.
المباراة التي حضرها نحو 40 ألف متفرج شهدت إثارة كبيرة، إذ تقدم اليوفي أولاً بهدف لنجمه أليساندرو دل بييرو في الدقيقة 38 قبل أن يعادل بارما النتيجة بهدف ماركو دي فايو في الدقيقة 63، لكن دل بييرو نجح في تسجيل هدف فريقه الثاني، مانحاً اللقب الثالث لليوفي في المسابقة.
نجاح المباراة شجع الطليان على العودة مجددًا إلى الولايات المتحدة في العام التالي، في ملعب (العمالقة) في نيوجيرزي، الذي شهد واحدة من المباريات الخالدة في الذاكرة بين ميلان واليوفي وانتهت بركلات الترجيح لصالح الأخير.
آسيا.. السوق المثالية
في عام 2009 تحولت مباراة السوبر الإيطالي إلى القارة الآسيوية حيث وجدت فيها سوقاً مثالية ومناسبة من الناحية الاقتصادية.. البداية كانت من الصين التي أرادت استثمار ملعب (عش الطائر) بعد عام من استضافة دورة الألعاب الأولمبية.
استضاف الملعب نسخة عام 2009 في شهر أغسطس بين الإنتر (بطل الدوري) ولاتسيو (بطل الكأس) وحينها نجح فريق نسور العاصمة في الفوز باللقب على حساب النيراتزوري الذي كان يدربه البرتغالي جوزيه مورينيو؛ لكن الإنتر مضى بعد ذلك ليحقق ثلاثية تاريخية غير مسبوقة في ذلك الموسم.
وعاد الملعب ذاته ليحتضن مباراة السوبر عامي 2011 بين ميلان والإنتر، و2012 بين اليوفي ونابولي، وهي المباراة التي سجلت الرقم القياسي في عدد الحضور الجماهيري للمباراة عبر التاريخ (75 ألف متفرج).
وفي عام 2014 انتقلت المباراة إلى قطر للمرة الأولى، حيث التقى يوفنتوس مع نابولي على ملعب جاسم بن حمد (نادي السد)، قبل أن تعود إلى الصين مجدداً ولكن هذه المرة في شنغهاي عام 2015، ومن ثم إلى الدوحة مرة أخرى لتستقر ابتداء من عام 2018 في المملكة العربية السعودية (باستثناء عامي الكورونا)، حيث التقى اليوفي وميلان في ملعب الجوهرة المشعة في جدة عام 2018 بحضور أكثر من 60 ألف متفرج، قبل أن تُلعب في الرياض خلال العام التالي. أما آخر نسخة بالنظام القديم فجَرت في ملعب الملك فهد بالرياض وجمعت قطبي مدينة ميلانو.
ومع تحول المسابقة إلى نظامها الجديد، انتقلت مباراة كأس السوبر الإيطالي إلى (الأول بارك) في الرياض، حيث فاز باللقب فريق الإنتر في العام الماضي، بانتظار معرفة الفريق الذي سيتوج باللقب على الملعب ذاته مساء غد الإثنين.