تحرك حزبي وإداري بالمغرب، يلي جدلا أكاديميا ومدنيا حذّر من ثغرة قانونية تفتح الباب للإضرار بموروث ثقافي للإنسانية بالجنوب المغربي، وخاصة النقوش الصخرية والرسوم الصباغية التي تعود إلى فترة ما قبل التاريخ وما قُبيلَه.
يتعلق الأمر بمشروع القانون الجديد المتعلق بحماية التراث الثقافي والتراث الطبيعي والتراث الجيولوجي، الذي استنكر علماء آثار وأكاديميون ومدنيون مشتغلون في حماية التراث غياب ذكره “التراث الصخري” من نقوش ورسوم صباغية تعود إلى فترة ما قبل التاريخ وما قُبَيله، قائلين إن عدم تسميته بشكل واضح “يُعتبر انتقاصا من أهميته؛ وهو ما يفتح المجال أمام المزيد من الإهمال والتخريب، الذي تعرضت له مواقع عديدة للفنون الصخرية والمقابر الجنائزية لثقافات ما قبل الإسلام (…) بسبب عدم التنصيص الصريح (…) على إلزام المقاولات الفائزة بصفقات المشاريع أو المستغلة للمقالع بتقديم دراسة الأثر حول التأثيرات المحتملة على المواقع الأثرية”.
وعرف متم شهر دجنبر من السنة الفارطة 2024 حركية لقاءات مستمرة في يناير 2025 بين ممثلي جمعيات مجتمع مدني مهتمة بالتراث الصخري تضم علماء ومتخصصين مع مديرية التراث بوزارة الثقافة، وممثلين سياسيين بمجلس النواب من أحزاب في الأغلبية والمعارضة.
وكان موضوع هذه اللقاءات “أهمية الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية الموازية لها وضرورة إدماجها الصريح في مشروع قانون التراث 22-33، مع التأكيد على أهمية دور المؤسسة التشريعية في صياغة نصوص قانونية متقدمة تضمن حماية هذا التراث الوطني والإنساني ورد الاعتبار إليه”؛ وهو ما عرف “تجاوبا إيجابيا من لدن الفرق البرلمانية والمجموعة النيابية المستقبلة، التي نوهت بهذه المبادرة وأبدت استعدادها للترافع على هذه القضايا المهمة في إطار مشروع القانون، من منطلق التزامها بحماية التراث الثقافي الوطني”.
ووفق معلومات استقتها جريدة هسبريس الإلكترونية، فإن اللقاءات قد شملت الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية والفريق الاشتراكي وفريق التقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية والفريق الحركي وفريق الأصالة والمعاصرة، باستثناء فريق حزب التجمع الوطني للأحرار الذي لم يتفاعل مع طلبات اللقاء.
ومن المرتقب أيضا، وفق المعطيات نفسها، عقد يوم دراسي بالبرلمان مع الفريق الاشتراكي حول هذا التراث المغربي الضارب في القدم وسبل صيانته، علما أن عرض وزير الثقافة للمشروع في جلسة عامة سيتم يوم الاثنين؛ وهو ما التزمت الفرق والمجموعة النيابية باستثماره للتداول في التعديلات والاقتراحات بما يحفظ التراث الوطني.
وحول الجدل السابق بشأن “الثغرة القانونية”، وضحت مديرية التراث في لقائها الخاص، وفق مصادر حضرته، بأنها قد نبهت إلى هذه المسألة؛ إلا أن الأمر لم يؤخذ بعين الاعتبار في المجلس الحكومي، حين التداول حول مشروع القانون.
تجدر الإشارة إلى أن علماء وعاملين في مجال حماية التراث الثقافي قد طالبوا بذكر القانون النقوش والرسوم الصباغية الصخرية إلى جانب المواقع الأثرية والمناظر والتراث غير المنقول؛ لأن هذا يغلق باب التأويل، ويجعل مسها ومواقعَها إجراما في حق هذا الموروث الإنساني.