اختار فاعلون مدنيون ومنتخبون بالمناطق المتضررة من “فيضانات وسيول شتنبر” تجديد مطالبتهم بتسريع بناء عدد من العتبات المائية بهذه المناطق، التي بعدما عانت من الجفاف لسنوات طويلة ستكون مهددة بمخاطر مناخية قصوى مرتبطة بفيضانات أكثر حدة خلال السنوات المقبلة، وفق تقديرات وتوقعات المتخصصين في مجال المناخ.
وجاءت إعادة طرح هذا المطلب من طرف الفعاليات سالفة الذكر بمناسبة تأكيد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، خلال الجلسة العامة للأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، على اتخاذ تدابير استباقية لحماية الساكنة والبنيات التحتية بالمناطق المهددة بالفيضانات، تشمل “إنجاز الوزارة ووكالات الأحواض المائية البنيات التحتية اللازمة؛ إذ تم تجهيز 250 موقعًا مهددًا بكل جهات المملكة بالمجالين الحضري والقروي، وتم بالخصوص تشييد سدود كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وتهيئة الأودية، وإنجاز العتبات وجدران للحماية من الفيضانات”.
ويقول المنتخبون والفاعلون المدنيون المعنيون إن عدد العتبات المائية التي برمجت الوزارة الشروع في بنائها خلال السنتين المقبلتين، وتحديدًا في طاطا، يبقى غير كافٍ ولا يستجيب لحاجيات الإقليم الشاسع، ويشيرون إلى أن خبراء وعددًا من فلاحي المنطقة يؤكدون الحاجة إلى ما يصل إلى مائة عتبة مائية على الأقل لضمان توفير حماية شاملة من خطر أي فيضانات مقبلة، وتمكين المنطقة من زيادة مخزونها من الموارد المائية؛ بينما يلفت آخرون إلى أن “الوزارة مطالبة بتصحيح وضع وجود عتبتين مائيتين فقط بالجماعات الواقعة على وادي درعة بإقليم زاكورة، عن طريق تخصيص عدد هام من هذه المنشآت الحيوية لهذه الجماعات”.
في هذا السياق قال رشيد البلغيتي، منسق لجنة “نداء طاطا”، إن “مطلب بناء العتبات المائية بإقليم طاطا رفعته الديناميات المدنية والحقوقية بالمنطقة منذ سنوات، لأن هذه المنشآت تمثل حلًا عمليًا وفعالًا لإنعاش الفرشة المائية بعد استنزافها من قبل مزارعي ‘الدلاح’؛ غير أنه بعد كارثة الفيضانات غير المسبوقة في شهر شتنبر تم التشديد على هذا المطلب، نظرًا لقدرة العتبات المائية على وقاية مدن ودواوير الإقليم من خسائر مادية وبشرية فادحة في حال وقوع كوارث مماثلة مستقبلًا”.
وأوضح البلغيتي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “دراسات تقنية كثيرة أُنجزت منذ سنوات من أجل تشييد منشآت مائية للحد من مخاطر أودية تمنارت وفم زكيد وطاطا وغيرها على الدواوير والمداشر القريبة منها”، وزاد: “وحتى الأودية التي لم يتم إنجاز دراسات بشأنها فقد أوضحت الساكنة منذ سنوات المنشآت المائية التي تحتاجها، وفي مقدمتها العتبات المائية والسدود التلية والتحويلية”، وأردف بأن “تأخر تشييد هذه المنشآت ساهم في نهاية المطاف في الحصيلة الثقيلة لفيضانات شتنبر، التي أضرت بالمئات من منازل الساكنة جزئيًا أو كليًا”.
وكشفت تصريحات رئيس منتدى إيفوس للديمقراطية بطاطا، امبارك أوتشرفت، لهسبريس سابقًا، أن “الوزارة الوصية تعتزم بناء 150 عتبة مائية بحوض درعة واد نون، نصيب إقليم طاطا منها 56 عتبة، موزعة على 26 سيتم إنجازها سنة 2025، و30 أخرى سنة 2026”.
“برمجة إنجاز هذه العتبات بالإقليم خطوة نُثمنها كفاعلين مدنيين، مع الأمل في الشروع في الأشغال في أقرب وقت ممكن”، يعلق البلغيتي، لكنه استدرك: “هذه الـ 56 عتبة يجب أن تكون دفعة أولية فقط؛ فهي تبقى غير كافية ولا تلبي حاجيات الإقليم الشاسع”.
وتابع المتحدث شارحًا: “رغم غياب دراسات علمية رصينة تحدد احتياجات طاطا بدقة من هذه المنشآت المائية فإن تقديرات الخبراء وفلاحي المنطقة تشير إلى الحاجة إلى إقامة ما لا يقل عن 100 عتبة مائية بالإقليم”، وأضاف أن “الساكنة تُشدد على ضرورة تسريع وتيرة إنجاز هذه العتبات، وألا تتأخر بدورها مثل سد ‘عين مساليت’ الذي أُنجزت دراساته التقنية منذ 30 سنة ولم يبدأ العمل فيه إلا هذه السنة”.
من جهته أكد عبد الرحيم العثماني، مستشار جماعي بجماعة تاكونيت، إقليم زاكورة، أن “غياب العتبات المائية في عدد من جماعات الإقليم، وعلى رأسها تاكونيت، ساهم في تفاقم خسائرها المادية خلال فيضانات شتنبر، حيث تعرضت عشرات المنازل الطينية بقصور الجماعة، وفي مقدمتها قصر بني صبيح، للهدم”، وأضاف: “منذ فيضانات 2014 ونحن نطالب بهذه المنشآت المائية الحيوية، إلا أن عدم استجابة الجهات المسؤولة أدى إلى هذه الحصيلة الثقيلة”.
وأشار العثماني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إلى أنه “من غير المقبول أن تضم عشرون جماعة تقع على وادي درعة التابع لوكالة الحوض المائي درعة-واد نون عتبتين مائيتين فقط، خاصة في ظل توقعات المتخصصين بأن المنطقة، التي تضررت من كارثة شتنبر، قد تشهد أمطارًا طوفانية وفيضانات أكثر كارثية في السنوات المقبلة”.
وسجل المستشار الجماعي ذاته أن “الوكالة مطالبة بقوة باستدراك هذا الوضع، عبر تخصيص ثلاث عتبات مائية جديدة على الأقل لجماعة تاكونيت، خصوصًا بالقرب من منابع الشعاب والأودية التي سجلت حمولات قياسية خلال الفيضانات الأخيرة، من أجل توفير الحماية اللازمة لساكنة الجماعة من أي فيضانات مستقبلية وتوفير موارد مائية لضمان عدم تأثرها بتداعيات الجفاف مرة أخرى”.