عبر الباحث في الشؤون العربية، عصام سلامة، عن صدمته من خطوة تواصل وزير الخارجية الدكتور بدر عبدالعاطي مع وزير خارجية حكومة الجولاني في سوريا، أسعد الشيباني، متسائلا عن المبرر من وراء الخطوة، أو المكاسب المنتظر تحقيقها.
وقال سلامة في تصريح خاص لـ"الرئيس نيوز": "هذا الشيباني كل خبراته الخارجية هي أنه كان حلقة الوصل بين "جبهة النصرة" (هيئة تحرير الشام حاليا) وتنظيم "القاعدة"، لذلك لا يليق بتاريخ الدبلوماسية المصرية التواصل مع تلك الشخصيات".
ورجح سلامة أن تكون تركيا وروسيا قد لعبتا دورا بارزا في إقناع القاهرة بالقيام بتلك الخطوة، مشيرا إلى أن العلاقات والتداخل المصري التركي، يسمح بأن تقوم تركيا بهذا الدور، وأن تقبل القاهرة به، موضحا أن مصر تهتم في الوقت الحالي بالصناعات العسكرية التركية وعلى رأسها طائرات بيرقدار المسيرة.
ولفت سلامة إلى أن الجولاني منذ أن سيطر هو وجماعته على مقاليد الأمور في سوريا وهو يتخذ خطوات تعادي الدولة المصرية، مثل أن يلتقي مورد العناصر الإرهابية من مصر إلى سوريا المدعو محمود فتحي، وأخيرا منحه الإرهابي المصري علاء محمد عبدالباري، المدان بحكم إعدام في مصر، منصبا عسكريا.
وقال سلامة إن دواعي الأمن القومي المصري كانت تتطلب التواصل المصري السوري بشكله الجديد، فكانت الأجهزة المعنية هي من تقوم بهذا التواصل، لكن ما معنى أن تصل درجة التواصل إلى حد وزير الخارجية.
فيما عبر النائب محمود بدر عن تحفظه على اتصال وزير الخارجية المصري بالإرهابي الشيباني، قائلا: “متفهم الوساطة التي حصلت والمقدمات التي بدأت بالتويتة اللي كتبها الشيباني نفسه من كام يوم عن تطلعه لعلاقات مع مصر والكلمتين الخايبين دول”.
وأضاف في منشور عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “إكس”: “كان رأيي الشخصي إن دول إرهابيين عملاء انفصاليين وسوريا مش هتستقر إلا لما تتخلص منهم”.
وفي المقابل، قال السفير فوزي العشماوي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، معلقًا على التواصل السياسي مع إدارة الجولاني في سوريا في منشور على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “أول اتصال رسمي بين وزير الخارجية ونظيره السوري.. خطوة جيدة وإن جاءت متأخرة”.
وأضاف: "لعل السؤال الجوهري في سوريا هو: هل جاء تبني القيادة الجديدة هناك لخطاب عقلاني تصالحي تسامحي يحترم الآخر، ويتقبله نتاج تجارب واستنتاجات وتشاور وتوافقات وقبول عام من الفصائل التي أسقطت بشار أم أن هذا الخطاب جاء نتاجا لخطط وتوجيهات وسياسات جديدة للقوي الدولية والإقليمية المحتضنة والداعمة والمسلحة لهذه الفصائل؟!".
وتابع: “الإجابة عن السؤال ستحدد برأيي، ولحد كبير، مآلات وتطورات الأحداث في سوريا الشقيقة، لذا من الصعوبة بمكان التسرع والجزم بأي استنتاج نهائي في مرحلة السيولة الحالية رغم أن المؤشرات المبدئية تدعو للتفاؤل”.
بينما استبق المحلل السياسي عمرو الشوبكي التواصل المصري_ السوري، بتدونية على صفحته الشخصية بـ"فيس بوك" يتعجل هذا التواصل، فكتب: “ذهب الحليف الأول للنظام الجديد في سوريا وزير خارجية تركيا إلى دمشق وبقي تقريبا ليوم كامل مع أحمد الشرع والقادة الجدد، وذهب وزير خارجية الأردن لهناك، وراح أشكال وألوان من المسؤولين الغربيين، واتصل وزير خارجية الإمارات بنظيره السوري في الحكومة الانتقالية، وهذه الدول كلها إما حليفة لمصر أو لديها علاقات طيبة معها، ومع ذلك لازلنا مترددين في التواصل وإيجاد صيغة للتعامل مع النظام الجديد”.
واستكمل الشوبكي في منشوره: “الحذر مفهوم والتخوف مشروع لكن لا أحد يبني علاقاته مع دولة بقيمة سوريا وهناك علاقة حميمة وتقارب نفسي وتاريخي كبير بين الشعبين المصري والسوري من خلال الاختلاف العقائدي مع النظام القائم، الحسبة بسيطة في العلاقات بين الدول هي ضمان عدم التدخل في شوون الدولة الأخرى وكل بلد حر في نموذجه السياسي”.
وأوضح أن علمانية تركيا لم تمنعها من التحالف مع فصيل إسلامي وأن تقيم علاقات مصالح مع النموذج العكسي لها في إيران، ونحن غير مطلوب أن نتحالف إنما على الأقل نتواجد ونحترم فقط فرحة الشعب السوري بسقوط واحد من أبشع النظم ديكتاتورية في العالم مش أكثر.
وسبق أن أعلن المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، السفير تميم خلاف، مساء الثلاثاء، أن وزير الخارجية د. بدر عبد العاطي تواصل مع وزير خارجية الجولاني في سوريا أسعد الشيباني.
وصرح بأن الوزير عبد العاطي أكد على وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السورى الشقيق ودعم تطلعاته المشروعة، ودعا كافة الأطراف السورية في هذه المرحلة الفاصلة إلى إعلاء المصلحة الوطنية، ودعم الاستقرار فى سوريا والحفاظ على مؤسساتها الوطنية ومقدراتها ووحدة وسلامة أراضيها.
وأضاف أن مصر تأمل أن تتسم عملية الانتقال السياسي فى سوريا بالشمولية، وأن تتم عبر ملكية وطنية سورية خالصة دون إملاءات أو تدخلات خارجية، وبما يدعم وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وأطيافه، ويحافظ على هويتها العربية الأصيلة.
وأكد المتحدث الرسمي أن وزير الخارجية شدد كذلك على أهمية أن تتبنى العملية السياسية مقاربة شاملة وجامعة لكافة القوى الوطنية السورية تعكس التنوع المجتمعي الدينى والطائفى والعرقى داخل سوريا، وأن تكون سوريا مصدر استقرار بالمنطقة، مع إفساح المجال للقوى السياسية الوطنية المختلفة لأن يكون لها دور في إدارة المرحلة الانتقالية وإعادة بناء سوريا ومؤسساتها الوطنية لكى تستعيد مكانتها الإقليمية والدولية التي تستحقها. وتم الاتفاق في نهاية الاتصال على استمرار التواصل خلال الفترة القادمة.