باتت كفاءة محطات الكهرباء في إيران تمثّل تحديًا كبيرًا يهدد الاقتصاد الوطني، في ظل تصاعد أزمة الانقطاعات بالعاصمة طهران وأغلب المدن.
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يؤكد رئيس لجنة التنمية المستدامة والبيئة والمعايير في غرفة إيران، رضا بيديمار، أن هذه المحطات تسهم حاليًا في إنتاج كميات ضخمة من الكهرباء، لكنها تُستهلك بشكل "غير مناسب".
وأشار بيديمار إلى أن كفاءة محطات الكهرباء في إيران تقلّ عن 30%، ما يجعلها تعمل بنصف الكفاءة مقارنةً بالمعدل العالمي، إذ تصل كفاءة المحطات المماثلة في دول أوروبية متقدمة إلى 56-58%، مضيفًا: "يمثّل هذا الفارق الكبير كارثة اقتصادية، إذ يؤدي إلى استنزاف الموارد وإضعاف الإنتاج في مختلف قطاعات المجتمع".
وأوضح أن الأزمة ليست وليدة اليوم، بل تراكمت عبر عقود من السياسات غير الفعالة وغياب التخطيط السليم، مشيرًا إلى أن تحديات الحوكمة، مثل عدم الالتزام بالمعايير الدولية وعدم اتخاذ قرارات فعالة في مجال الطاقة، أسهمت في تعقيد الأزمة.
ودعا بيديمار إلى اتخاذ خطوات جادة لتحسين الوضع، تشمل تحسين كفاءة محطات الكهرباء في إيران، وتبنّي المعايير الدولية لتقليل مقدار الفاقد في الطاقة.
محطات الكهرباء في إيران
ترتبط أزمة كفاءة محطات الكهرباء في إيران بعدّة عوامل، أبرزها تقادم البنية التحتية وتجاهل الصيانة الدورية للمحطات القديمة.
وأشار عضو لجنة الطاقة بالبرلمان أحمد مرادي، إلى أن بعض المحطات لم تخضع للصيانة منذ سنوات، ما يجعلها غير قادرة على تحقيق الكفاءة المطلوبة حتى مع توفير الوقود المناسب.
وتسبَّب التوسع في إنشاء محطات كهرباء في إيران، دون مراعاة التوزيع الجغرافي والبيئي، في تعطُّل بعضها، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
من جانبه، قال بيديمار، إن بعض المحطات بُنيت في مواقع غير مناسبة، مثل بناء بعض المحطات الكهرومائية في مناطق تفتقر إلى الموارد المائية اللازمة لتشغيلها، ما أدى إلى توقُّفها عن العمل.
وتعاني المحطات العاملة بالديزل أو الغاز من كفاءة منخفضة، لا تتجاوز 30%، بسبب الاعتماد على تقنيات قديمة وعدم استكمال عمليات الاحتراق بشكل فعّال، وفي حين تعتمد دول أخرى على التكنولوجيا لتحسين الكفاءة، يبدو أن إيران متأخرة في هذا الجانب.
الطاقة في إيران
أدت الكفاءة المنخفضة لمحطات الكهرباء في إيران إلى تفاقم اختلال توازن الطاقة في إيران، إذ لا يتناسب حجم الإنتاج مع الاستهلاك المتزايد.
وأوضح بيديمار أن سوء الاستهلاك أسهم في تعميق الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مما تسبَّب في أزمات متكررة، مثل انقطاع الكهرباء في الصيف ونقص الغاز في الشتاء.
وخلال فصل الشتاء، تواجه محطات الكهرباء في إيران تحديات إضافية مع زيادة الطلب في القطاعات السكنية والتجارية، إذ توقفت، مؤخرًا، نحو 80 محطة كهرباء عن العمل من إجمالي نحو 600 وحدة لتوليد الكهرباء، بسبب تراجع إمدادات الغاز الطبيعي والوقود السائل.
ويقول مسؤولون، إن إيران بحاجة إلى 350 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا لسدّ الفجوة التي تفاقمت جرّاء ارتفاع الطلب نتيجة لانخفاض درجات الحرارة.
وحذّر الخبراء من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى "انهيار اقتصادي تدريجي"، إذ ينخفض إنتاج القطاعات الصناعية والزراعية، وتتزايد تكاليف التشغيل والصيانة، وتفشل الأنشطة الاقتصادية في تحقيق عائد يُذكر.
من جانبه، أشار مرادي إلى أن الشتاء الحالي، الذي يشهد انخفاضًا غير مسبوق في درجات الحرارة، أدّى إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي للتدفئة المنزلية، ما يتطلب تضافر الجهود لإدارة الأزمة بأقل الخسائر.
أزمة كفاءة محطات الكهرباء في إيران
طرح بيديمار عدّة حلول لأزمة كفاءة محطات الكهرباء في إيران، منها تصنيف المحطات حسب نوعها وقدرتها، واعتماد إستراتيجيات تطوير تلائم الظروف المحلية.
كما اقترح التركيز على تطوير محطات كهرباء صغيرة تعمل بالغاز، لما لها من ميزات في سهولة الصيانة وانخفاض التكاليف، مع إمكان تسليمها للقطاع الخاص لتخفيف العبء عن الحكومة.
وأكد بيديمار ضرورة استعمال التقنيات الحديثة في توليد الكهرباء، بما في ذلك الاعتماد على مصادر نظيفة ومتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ومن جانبه، دعا مرادي إلى تعزيز التعاون بين الحكومة والمجلس لتحسين كفاءة المحطات الحالية وتحديث البنية التحتية، مؤكدًا أن حلول أزمة كفاءة محطات الكهرباء في إيران تشمل زيادة الإنتاج عبر تحسين ضغط الوقود وتوفير البنية التحتية اللازمة، بالإضافة إلى نشر ثقافة الاستهلاك الرشيد بين المواطنين.
ومؤخرًا، أطلقت شركة الغاز الوطنية حملة "درجتان أقل"، التي تستهدف خفض استهلاك الغاز من خلال تعديل درجات الحرارة في المباني.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية سعيد توكلي، إن خفض درجات الحرارة داخل المباني وأماكن العمل بمقدار درجتين مئويتين يمكن أن يحقق وفرًا يوميًا يصل إلى 50 مليون متر مكعب من الغاز، ما يعادل إنتاج مرحلتين من حقل بارس الجنوبي، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات 3 محافظات.
تطوير محطات الكهرباء في إيران
تُعدّ مشاركة القطاع الخاص جزءًا أساسيًا من أيّ خطة لتطوير محطات الكهرباء في إيران، إذ أوضح بيديمار أن الحكومة بحاجة إلى تقليل سيطرتها على قطاع الطاقة وتمكين القطاع الخاص من تولّي مشروعات تطوير المحطات، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص أكثر قدرة على إدارة الموارد بكفاءة ومرونة.
ودعا إلى إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة تشمل تحرير سوق الطاقة وتخفيض التدخل الحكومي، مؤكدًا أن هذه الإصلاحات ضرورية لتحفيز الاستثمارات وزيادة الإنتاج، ما يسهم في حل أزمة الطاقة على المدى الطويل.
وتعكس أزمة كفاءة محطات الكهرباء في إيران مشكلة مزمنة تتطلب حلولًا جذرية، ومع وجود إرادة سياسية واضحة وخطط عملية لتحسين الكفاءة وتحديث البنية التحتية، يمكن التغلب على هذه التحديات وضمان استدامة قطاع الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..