تعتبر معايير جودة البحث أو الرسالة العلمية مثل معايير الاقتباس العلمي وحداثة المراجع وسلامة اللغة وسلاسة العرض من المعايير الشكلية الهامة والغرض منها استقامة أمور البحث وتسهيل إجراءاته على الباحث والدخول فيه بيسر منهجي يضمن به سلامة التسلسل البحثي والتوصل إلى النتائج المرجوة ومنه. وفي هذا المقال نتناول أحد هذه المعايير الهامة وهو حداثة المراجع.
معيار حداثة المصادر والمراجع
كثيرًا ما يطرح طلاب الدراسات العليا في الجامعات بعض الأسئلة التي تتعلق بمعيار حداثة المصادر والمراجع. مثلا يسأل بعضهم كم عمر المصدر البحثي حتى يُصنّف على أنه مصدر غير حديث أو غير صالح للاستشهاد به؟ هناك إجماع بين العلماء والباحثين في معظم التخصصات العلمية على أن المصادر التي يقل عمرها عن خمس سنوات تُعد حديثة. ومع ذلك، يختلف هذا المعيار حسب طبيعة التخصص: ففي التخصصات سريعة التطور، مثل النانو تكنولوجي أو الذكاء الاصطناعي، قد تُعتبر المصادر التي يزيد عمرها عن خمس سنوات قديمة للغاية. في المقابل، في تخصصات أخرى مثل علم الأحياء وغالبية العلوم الاجتماعية والإنسانية، قد تمتد فترة حداثة المصدر إلى عشر سنوات.
ولا يعني معيار حداثة المصادر عدم الاستشهاد بأي مصدر قديم، فمن الممكن، بل ومن المهم أحيانًا، الاستشهاد بمصادر قديمة إذا كانت ذات تأثير كبير في مجال البحث. مثال ذلك: المقالات المرجعية (Review Articles) التي تُعتبر حجر الزاوية في الأدبيات العلمية، حيث يستمر الباحثون بالاستشهاد بها حتى وإن تجاوز عمرها عشرة أعوام.
أما بالنسبة لعدد المصادر الحديثة المطلوب وجودها في قائمة المراجع لتحقيق معيار حداثة المراجع في الورقة البحثية أو الرسالة التي أقوم بإعدادها، فتشير دراسة قام بها سانتيني وآخرون (2018) إلى أنه إذا كان أحدث مرجع في قائمة المراجع يزيد عمره عن خمس سنوات فهذا دليل قاطع على أن الباحث لم يُجرِ مراجعة شاملة ومحدثة للأدبيات، وأن معيار حداثة المراجع غير متحقق.
ولكن من الناحية الكمية، يتحقق معيار حداثة المراجع إذا كانت غالبية المصادر (أكثر من 50% من المراجع في قائمة المراجع) حديثة، وذلك حسب تعريف التخصص لحداثة المصدر (5 إلى 10 سنوات). في دراسة حديثة أجراها فريق من الباحثين على 69 ورقة بحثية نُشرت في ثلاث مجلات علمية مرموقة (Nature، Science، وCell)، وُجد أن 50% من المراجع في كل ورقة بحثية يقل عمرها عن ست سنوات.
وختاما أؤكد على أن معيار حداثة المراجع يعتمد بشكل أساسي على طبيعة التخصص، مع التركيز على تضمين مصادر حديثة تُظهر إلمام الباحث بالتطورات الأخيرة في مجاله. في الوقت نفسه، لا يُلغي هذا المعيار أهمية الاستشهاد بالمصادر القديمة ذات التأثير الكبير، ووجود مصادر قديمة مهمة لا يعني عدم تحقق معيار حداثة المصادر.
كاتب المقال
أ.د محمود السعيد
نائب رئيس جامعة القاهرة
لشئون الدراسات العليا والبحوث
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
