الاحد 22 ديسمبر 2024 | 02:13 مساءً
أسطورة "التاجر الجيد" تتلاشى في حرب الكارتلات المكسيكية الدموية
وفقًا لتقرير (الغارديان) في عيد الميلاد الماضي، أظهر كارتل سينالوا صورة مميزة عبر إرسال هدايا تحمل شعارات إلى مستشفيات الأطفال, ولكن هذا العام، تسببت حرب دموية بين الفصائل المتنافسة في مافيا المخدرات المكسيكية في طغيان على أجواء العيد، حيث أصبح معرض عيد الميلاد في كولياكان شبه خال، ويعمّ الصمت المدينة ليلاً.
لطالما كانت علاقة مدينة سينالوا مع تجار المخدرات معقدة، حيث يروّج هؤلاء لأنفسهم كـ"لصوص شرفاء" يتبعون مدونة سلوك خاصة,ولكن مع دخول الحرب شهرها الرابع، وتجاوز عدد القتلى والمفقودين الألف، بدأ يتلاشى تأثير أسطورة "التاجر الجيد".
وقد اندلعت هذه الحرب بعد اعتقال اثنين من أقوى زعماء الجريمة في المكسيك في مدينة إل باسو بولاية تكساس الأمريكية. تم توقيف إسماعيل "إل مايو" زامبادا، مؤسس كارتل سينالوا مع خواكين "إل تشابو" غوزمان، إلى جانب أحد أبناء غوزمان، عقب هبوط طائرة صغيرة في الأراضي الأمريكية.
اتهم إل مايو ابن إل تشابو بالخيانة وتسليمه للسلطات الأمريكية، ليبدأ بذلك فصيل يقوده ابن إل مايو في شن حرب ضد فصيل آخر يقوده ابنا إل تشابو اللذان لا يزالان طليقين في المكسيك.
وأدى العنف المفرط والمفاجئ إلى تعطيل الحياة الطبيعية في كولياكان، مما دفع السكان إلى إعادة النظر في علاقتهم بتجار المخدرات في مدينتهم.
يقول البعض في كولياكان إن "الحرس القديم" مثل إل تشابو وإل مايو كان لديهم قواعد غير مكتوبة: كانوا يوزعون المساعدات، يقدمون بعض الخدمات، ويطبقون نوعًا من القانون، وكانوا يتجنبون إيذاء الأبرياء.
ولكن مع دخول إل تشابو وإل مايو السجون الأمريكية، تغيّرت الأمور. اليوم، أصبح أبناء هؤلاء القادة، الذين نشأوا في رفاهية، جزءًا من جيل جديد من تجار المخدرات الذين يختلفون تمامًا عن آبائهم.
يُرجع البعض لحظة 17 أكتوبر 2019 بوصفها العلامة الفارقة في هذا التحول. حينما تم القبض على أوديفيو غوزمان، أحد أبناء إل تشابو، استولى حراسه على المدينة لمدة 24 ساعة، في اشتباكات مع قوات الأمن أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين، ليتم الإفراج عن غوزمان في غضون ساعات.
وأوضح ميغيل كالدرون، منسق المجلس الحكومي للأمن العام، أن "الاتفاق غير المكتوب بعدم المساس بالمدنيين قد تم كسره",وقد أكد هذا التصعيد في أعمال العنف.
وتحكي إحدى العائلات المقيمة في أكواخ مؤقتة على أطراف كولياكان كيف كانت تحترم "الحرس القديم" في الماضي, فيقول أحدهم: "كان إل تشابو وإل مايو يلتزمون بقواعد، مثل عدم المساس بالنساء والأطفال. أما الآن، فيقومون بتجنيد أشخاص بالقوة، حتى الأطفال الذين لا يعرفون كيف يستخدمون السلاح".
وأضاف آخر: "قبل كان هناك احترام أكبر لحياة الناس العاديين. اليوم، هم فقط يسعون للفوز في حربهم بأي ثمن".
أما في حي آخر، حيث تم حصار منطقة استعدادًا لاقتحام مخبأ آمن، تحدثت مجموعة من الأمهات عن فقدان أبنائهن. وأكدت إحداهن: "لا يوجد شيء اسمه تاجر مخدرات جيد"، مشيرة إلى أن ابنها وقع ضحية الإدمان. وأضافت: "كيف يمكن أن تعطيني مساعدة وأنت تسمم ابني؟"
كما طالبت النساء بأن يتوجه هؤلاء القتلة إلى الريف للقتال بعيدًا عنهم، مؤكدات على ضرورة عيشهم في سلام.
وعبّر كالدرون عن مشاعر الغضب التي يعبر عنها العديد من السكان اليوم، مشيرًا إلى أن المطالبة الأساسية الآن هي أن يتم التأكيد على أن العدو الأكبر هو الجريمة المنظمة. وقال: "في السابق، لم يكن الأمر بهذه الوضوح، حيث كان إل تشابو يوزع الطعام في الأعياد، أو كان إل مايو يصلح المدارس ويموّل الحفلات, كان هذا جزءًا من سياسة التسويق للتقرب من المجتمع".
على الرغم من هذا التصعيد في العنف، لم يتخلَ الجيل الجديد من تجار المخدرات عن المحاولات الدعائية. بالقرب من المعرض، قال أحد السكان إنه شاهد طائرة صغيرة تسقط منشورات، وأن فصيل إل مايو قام بتوزيع بطاقات عمل مع رقم هاتف، مُخبِرين الناس بالاتصال به إذا حاول أحدهم ابتزازهم.
وفي خضم كل هذا، بدأ هذا الرجل يستذكر الأيام الماضية، قبل أن تصبح ظاهرة الابتزاز شائعة، قبل أن يضحك ويقول: "هذه هي الأيام الخوالي".
اقرأ ايضا