أخبار عاجلة
إجراءات لحماية طائر الحسون بالمغرب -
العقوبات البديلة ورهانات التنفيذ -

أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم

أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم
أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم

أمسية فنية تربوية فريدة، تلك التي لَمّ فيها المركز الثقافي إكليل بالرباط، عشيّة السبت، عشرات نساء ورجال التعليم، ليستمتعوا بتحف موسيقية تُبدعها أنامل أطفالهم، فرادى وجماعات، على آلة البيانو، بأداء “احترافي عالٍ تكاد تنعدم فيه الأخطاء أو السهوات”، وليقفوا رفقة باقي الحاضرين عند القدرات والمهارات المتعددة، الموزعة على الخانات العقلية والوجدانية والاجتماعية، التي تُكسبها الموسيقى لممارسيها، وبالتحديد المتعلمين والمتعلمات.

الأمسية التي احتضنها المركز التابع لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين، استُهلّت بتقديم الأستاذ الباحث في الموسيقى، محمد الصوفي، محاضرة مركزة، أجابت عن سؤال: “الموسيقى والمجال التربوي: أية علاقة؟”، مشيرًا إلى أهمية “الأولى في تقوية ذكاء المتعلمين وقدرتهم على الملاحظة، وتعزيز اندماجهم في المجتمع وفضاءاته، وعلى رأسها التربوي، فضلاً عن دورها في تقوية الثقة بالنفس والمشاعر الوجدانية الدينية”.

وخلال الحفل الفني الذي تخلّل الأمسية ذاتها، أمتع الأطفال، مختلفو الأعمار، المنخرطون بالورشة الموسيقية بالمركز، الحاضرين، بعزفهم على آلة البيانو مقاطع موسيقية شهيرة من قبيل “The Old Mill Wheel”، و”Sur le Pont d’Avignon”، و”Frère Jacques”، أدوها فرادى ومن خلال ثنائيات (Duo) وثلاثيات (Trio)، أو برفقة مؤطرهم محمد الصوفي، الذي أبى إلا أن يصهر نغمات الكمان والمزمار مع ما تُبدعه أنامل متدربيه، الذين ودّعوا بها رهاب الجمهور والمسرح، كما صرّحوا للجريدة.

“الموسيقى تخدم التربية”

محمد الصوفي، مؤطر ورشة الموسيقى بالمركز الثقافي إكليل، وأستاذ بالمعهد الوطني لعلوم الموسيقى، أوضح بدايةً أن “الموسيقى حظيت بمكانة خاصة على مرّ التاريخ، لدرجة أن الفيلسوف الصيني كونفوشيوس عدّها مرآة لتقدم المجتمعات والحضارات”، مردفًا أن “لها أدوارًا عدة، تعبيرية؛ فهي أحد الفنون التي يعبر الإنسان من خلالها عن مشاعره، وعلاجية، إذ تساهم في علاج الأمراض النفسية والعضوية، وقد كان أبو النصر الفارابي أول من استخدمها لهذا الغرض الأخير”.

واستحضر الباحث في مجال الموسيقى، وهو يمضي في محاضرته، أن “المغرب استخدم فيه الموسيقى لعلاج المرضى، في “المارستانات” تحديدًا والتي كانت منتشرة بمراكش وفاس، على أن ‘مارستان’ هذه الأخيرة يُرجّح أنه النموذج الذي استُلهِم منه أول مستشفى للأمراض النفسية في العالم، بفالنسيا”.

بالانتقال إلى أهمية الموسيقى وحضورها في المنظومة التربوية، نفى الصوفي “ما يعتقده بعض المهتمين بالشأن التربوي من أن الموسيقى لم تجمعها العلاقة بالتربية إلا حديثًا؛ فهذه العلاقة كانت قائمة منذ عصور كانت تحتل فيها الموسيقى مرتبة هامة وأساسية إلى جانب التربية البدنية”، مؤكدًا أن “اهتمام القدامى بالتربية الموسيقية تنامى على مرّ العصور، إلى أن ظهرت أنواع جديدة من الموسيقى من رحم مدرسة النزعة النفسية”.

وأبرز الباحث في مجال الموسيقى، للحاضرين أن الأخيرة وُجدت في المناهج التربوية والتعليمية بالمغرب، في “سلكي الابتدائي من خلال مادة التربية الفنية، والإعدادي من خلال التربية الموسيقية”، مؤكدًا أن أهميتها التربوية تكمن في تطويرها لعدة أبعاد، “من بينها البعد العقلي، حيث تطور القدرة على الملاحظة، والاجتماعي المتمثل في احترام الذات والآخرين والانضباط في الجماعة، فالوجداني المتجسد في تعزيز الثقة بالنفس والتأطر بالقيم الدينية (..)، فضلاً عن البعد الثقافي الكامن في تطوير مستوى فهم المتعلمين الثقافي”.

“فرص لا تُعوّض”

ملاك حجي زاهر، إحدى الأطفال الذين عزفوا المقاطع الموسيقية بالأمسية الفنية التربوية، قالت: “الأخيرة أتاحت لي أداء القطع التي حفظتها، وتطبيق ما تشبعت به من طرق موسيقية، أمام الجمهور، وهي فرصة لا تُمنح دائمًا”، مبرزةً اكتسابها من هذه التجربة، “عدة منافع، منها دحر الخوف من الوقوف أمام الجمهور، وle trac (رهاب المسرح)، الذي تمكن العازفون اليوم من التغلب عليه”.

وترى العازفة الصغيرة المصرحة لهسبريس، أن هذه خطوة أولى في المسار الذي تريد أن تكمل فيه، أي الموسيقى، “هذه الأخيرة التي ليست شيئًا ثانويًا للمنخرطين بالورشة؛ بل هي معين لهم على الاسترخاء والراحة”، مؤكدة يقينها من أن “جميع الأصدقاء الذين عزفوا اليوم يتشاطرون ذات الطموح: المضي في هذا المسار الفني”، مغتنمة المناسبة “لشكر الأستاذ الصوفي على ما يبذله من جهود مقدّرة مع جميع المنخرطين”.

وأكد يحيى الغربي، طفل منخرط بورشة الموسيقى بإكليل، أن “كل المنخرطين عزفوا المقاطع الموسيقية التي يحبون ويحبذون، وبالطريقة المفضلة لديهم؛ حيث هناك من عزف منفردًا، وهناك من عزف في ثنائيات (Duo) أو ثلاثيات (Trio)، أو (Solo). كان الرهان الوحيد أن يقوم المنخرط بما يفضل”.

وأوضح الغربي الذي عزف المقطع الموسيقي “Arabesque”، أن الموسيقى فن جميل وراقٍ، وجميع الآلات التي تُمارس بها وتحديدًا البيانو تَصنع الراحة”، مشددًا على أن الآلة الموسيقية الأخيرة يأخذ العزف عليها “كفعل ثانوي” ليرتاح به وفيه.

وفي تصريح لهسبريس، أكد الأستاذ محمد الصوفي، أن “هذه الأمسية الفنية التربوية بالإضافة إلى تشكيلها مناسبة للتحسيس بأهمية الموسيقى وممارستها؛ فقد مثّلت فرصة للمنخرطين في الورشة لملاقاة الجمهور، وخوض تجربة موسيقية فريدة”، مبرزًا أنها أتاحت لهم “تَمثُّل أنفسهم كموسيقيين محترفين، ومشاركة الأعمال الفنية الموسيقية، التي تعلموها وحفظوها داخل حصص الورشة، مع الجمهور العريض المفتوح”.

“أدوار معطّلة”

فضائل ومنافع الموسيقى على المتعلمين التي شخّصها الصوفي في محاضرته سالفة الذكر، وسرد الأطفال العازفون جزءًا منها كذلك، لا يبدو أن نسبة مرضية من التلاميذ المغاربة ينالون حظهم منها. فقد أكد الصوفي لهسبريس لدى إثارتها سؤال موقع الموسيقى في المنظومة التربوية المغربية، أن “المغرب رغم كونه يتوفر على مواد فنية فإن تفعيل دور الموسيقى بها ما يزال بعيدًا”.

واستحضر الباحث في الموسيقى ما جرى من “توقيف تكوين أساتذة التربية الموسيقية منذ سنة 2013، وكون أساتذة السلك الابتدائي، الذين يُدرسون مكون الموسيقى يفتقرون إلى تكوين؛ ما يضطرهم إلى الاعتماد على اجتهاداتهم الفردية”، معتبرًا أنه “لذلك تبقى الموسيقى مهمشة في المنظومة التعليمية التربوية المغربية”.

وشدّد على “أهمية الموسيقى في المجال التربوي التعليمي، المُثبتة بدراسات علمية رصينة، أهمها نظرية هوارد جاردنر للذكاءات المتعددة، التي أوضحت كيف يمكن للذكاء الموسيقي أن يصير مساقًا للتعلم؛ وأخرى تسلط الضوء على مكاسب الدماغ من عزف البيانو، إضافة إلى كيفية مساعدة الأخير للمتعلمين على تطوير القدرات التعليمية التعلمية، والمهارات التربوية الضرورية”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق قرار عاجل من المجلس الأعلى للإعلام بالضوابط الجديدة لبث البرامج الدينية
التالى هل أجر الصدقة يضيع إذا أخذها من لا يستحق؟.. أمين الفتوى يجيب