السبت 21 ديسمبر 2024 | 12:13 مساءً
مجندون جدد يتدربون في ساحة تدريب عسكرية في منطقة تشيرنيهيف، أوكرانيا.
وفقًا لتقرير (الجارديان) في إحدى الأمسيات الباردة في مدينة كوفل غرب أوكرانيا، كان رجل مسن ذو شعر فضي يرتدي الزي العسكري يستعد للركوب في قطار متوجه إلى الجبهة الشرقية للقتال ضد القوات الروسية. وفي مشهد مؤثر، احتضن طفل صغير ساقيّ الرجل، غير راغب في تركه، بينما حاولت والدته إبعاده قائلة: "ودّع جدك، يا ديمّا." وبعد لحظات، تحرك القطار محملاً برجل مسن، بينما ودعته ابنته وحفيده من على الرصيف، وقد غمرتهم الدموع.
تتكرر هذه المشاهد في أوكرانيا بشكل متزايد، حيث يعاني الجيش من استنزاف مستمر، ما أدى إلى الاعتماد المتزايد على رجال في سن متقدمة. ومع اقتراب الحرب مع روسيا من عامها الثالث، يعاني الجيش الأوكراني من نقص حاد في الأفراد على الجبهات، في وقت تترقب فيه البلاد تأثيرات السياسة الأمريكية مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
يواجه الجيش الأوكراني تحديات خطيرة في سد الفراغات على الجبهة، في الوقت الذي تواصل فيه روسيا استقدام مجندين جدد لتعزيز صفوفها. وعلى الرغم من الضغوط التي تمارسها إدارة بايدن على أوكرانيا لتخفيض سن التجنيد من 25 إلى 18 عامًا، رفض الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي هذه المطالب، معتبرًا أن إرسال شباب في هذا العمر للقتال سيكون حساسًا في مجتمع يعاني من أزمة ديموغرافية.
لكن، مع استمرار روسيا في تعزيز جبهتها، يواجه الجيش الأوكراني صعوبة في تجنيد العدد الكافي من الجنود. وقد أظهرت مقابلات مع ضباط أوكرانيين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، أن الوضع أصبح أكثر تعقيدًا مع مرور الوقت.
الجبهة بحاجة إلى المزيد من الجنود
قال أحد الجنود الذين يخدمون حاليًا في اللواء 114 للدفاع الإقليمي الأوكران "الجنود الذين نستقبلهم الآن ليسوا مثل أولئك الذين كانوا في بداية الحرب. مؤخرًا وصلنا 90 جنديًا، ولكن 24 فقط منهم كانوا جاهزين للالتحاق بالجبهة، والبقية كانوا إما مسنين أو مرضى أو مدمنين على الكحول." وأضاف الجندي: "أولئك الذين كانوا في البداية يملكون تدريبًا جيدًا، لكن الآن الأمور أصبحت أكثر صعوبة، فالكثير من المجندين الجدد يواجهون صعوبة في استخدام الأسلحة".
وأشار بعض الضباط في وحدات الدفاع الجوي إلى أن النقص في الجنود أصبح يهدد قدرة الدفاع الجوي على العمل بكفاءة. وأوضح أحدهم قائلاً: "الوضع وصل إلى مرحلة حرجة، ولا يمكن ضمان فعالية الدفاع الجوي في المستقبل القريب."
الضغط على الحكومة الأوكرانية
أدى النقص في القوى البشرية إلى توتر العلاقات بين كييف وواشنطن. فقد كانت إدارة بايدن تأمل في أن تتخذ أوكرانيا خطوات أكبر لتعبئة القوات، في وقت تطالب فيه أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة. وقال شون سافيت، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي: "الجيش الأوكراني بحاجة ماسة إلى زيادة عدد قواته."
من جهة أخرى، يرى المسؤولون الأوكرانيون أن خفض سن التجنيد إلى 18 عامًا ليس الحل المناسب، معتبرين أن هذه الخطوة قد تؤثر سلبًا على حماية الأجيال الأصغر في المجتمع. يفضل العديد من الجنود أن يكون الحل في تحسين ظروف الخدمة وتوفير حوافز أفضل بدلًا من خفض سن التجنيد.
دور التدريب والتحفيز في تعزيز التجنيد
بالنسبة للكثير من الجنود، فإن المشكلة ليست في سن التجنيد، بل في الظروف المحفزة والتدريب الجيد. قال أحد الجنود من اللواء 114: "لا يتعلق الأمر بالسن بقدر ما يتعلق بتوفير بيئة تدريبية جيدة وتحفيز كافٍ للجنود." وأكد على أهمية تقديم حوافز أفضل لجذب المجندين، قائلًا: "هناك الكثير من الأشخاص في كييف الذين يمكنهم التجنيد، لكنهم لا يريدون الذهاب، وأعتقد أن الحوافز والتدريب الجيد يمكن أن يكونا أكثر فعالية."
في ظل هذه التحديات، يبقى مستقبل الجيش الأوكراني مرهونًا بتحقيق التوازن بين تلبية احتياجات الجبهة الأمامية وبين الحفاظ على استقرار المجتمع الأوكراني في مواجهة الحرب المستمرة.
اقرأ ايضا