تعتبر سورة الطارق من السور المكية التي أنزلت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل هجرته إلى المدينة المنورة،تعتبر هذه السورة واحدة من السور التي تحمل معاني عميقة تشير إلى عظمة خلق الله وأثره في الكون،في هذا المقال، سوف نستعرض معلومات هامة تتعلق بسورة الطارق، ونكشف النقاب عن معاني النجم الطارق كما تم توضيحه في القرآن الكريم، وكذلك تفسيرات علماء اللغة والفقهاء حول هذه السورة.
ما هو النجم الطارق
- أتت أقسام الله تعالى في سورة الطارق مشيرة إلى عظمة السماء والطارق، مما يستدعي تدبر الإنسان في خلق السماء التي تفوق شيئًا كبيرًا يدعونا للتفكر،إذ يبلغ حجم السماء أضعافًا مضاعفة لحجم الأرض، فما هي إلا سبع سماوات مخلوقة بتناسق بديع تحتضن الشمس والنجوم والكواكب والمجرات والأجسام السماوية الأخرى التي لا حصر لها،ومن خلال السورة نجد ترابطاً وثيقاً بين خلق الكون والخلق البشري.
- أما بالنسبة للطّارق، فقد جاء تفسيرات عديدة في القرآن الكريم، حيث بيّن الله تعالى في الآيتين الثانية والثالثة من السورة أنه النجم الثاقب،وقد فسر مجاهد هذا النجم بأنه النجم المنير الذي يضيء الليل، كما جاء في تفسيرات الطبري، حيث أكد أن الطارق هو النجم الذي يشع في ظلام الليل ويتوارى عند ظهور النهار،وينبغي الانتباه إلى أن توقيت ظهور النجم الطارق يترك تأثيرًا مباشرًا في النفس الإنسانية.
سورة الطارق
تعتبر سورة الطارق من السور المكية التي تتبع أسلوب قسم قوي وغير تقليدي، حيث ابتدأت الآية بأقسم الله سبحانه وتعالى بالسماء والطارق،تحتل السورة المرتبة 86 في ترتيب السور بالمصحف وتحتوي على 17 آية،تشتمل السورة على مجموعة من الحقائق الكونية الجليلة التي أشار إليها الله عز وجل قبل أربعة عشر قرنًا، مما يدل على عمق فكر الإسلام واستشرافه المستقبل.
معنى سورة الطارق
- تسميات سورة الطارق تعود لورود كلمة “الطارق” في بداية السورة، وهي تشير إلى أهداف ثلاثة رئيسية تتمحور حول الإيمان، أولها الإيمان بالملائكة، وثانيها الإيمان بخالق الكون، وثالثها إيمان الإنسان بكلمات الله المنزلة وهو القرآن الكريم،في طياتها، تحمل السورة مشاعر تذكيرية بالاستيقاظ والانتباه إلى خالق السموات والأرض وتحذر من الغفلة.
- تظهر السورة بأيقاعاتها اللحنية مشاهد من الحياة بما تعبر عنه من أحداث وصوتيات تعزز الفهم العميق لمغزى النص،هناك تكرار لرسائل تعلن عن وجود إله كبير يدبر الكون، حيث تلتقي تلك الإيقاعات في مشهد متكامل يدعو لتدبر الأمور قبل الفوات.
- تتطرق السورة أيضًا إلى مواضيع هامة تتعلق بحفظ الإنسان وإرادته وتحديات اليوم الآخر، ويؤكد الله سبحانه وتعالى على أن كل نفس لها حافظٌ يعلم ما قدمت وما أخرّت.
تفسيرات أهل العلم والفقهاء حول الطارق
التفسير الأول
- نبدأ من الآية القرآنية (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطّارق) حيث تشكل إبهامًا مقاصد الطارق،كلمة “الطارق” تأتي كاسم فاعل من الفعل طرق، الذي يعني أحدث ثقباً أو ترك أثرًا محسوسًا،يشير هذا إلى أن الطارق هو شيئ يحدث بشيء جديد ترك أثره في المكان.
- تزيد بعض التفاسير في توضيح العلاقة بين كلمة الطارق والحيوان المنوي، حيث يشير إلى دوره الهام في تكوين الحياة وتجديدها عند اختراقه البويضة، مما يعتبر من أروع آيات الخلق التي تحدثت عنها السورة بشكل غير مباشر.
- يتطلب منا فهم معاني الآيات أن نطلق خيالنا لنرى كيف يمكن الربط بين العوالم وما يجري فيها من ظواهر كونية مدهشة من قصص التكوين والتي تشمل مختلف جوانب الحياة.
التفسير الثاني
- يرى البعض أن الطارق هو نجم ضخيم سقط على الأرض تاركاً أثرًا مميزاً، مما يفتح أمامنا تساؤلات حول الظواهر الكونية في ظل التطورات العلمية الحديثة،يتساءل العلماء أيضًا كيف كانت الحياة على الكرة الأرضية بعد هذا الحدث الهائل.
- الاستنتاجات المطروحة منذ الزمن القديم للقرآن، تمثل مزيجًا بين الحكمة والكشف عن مصائر الكون، وبالتالي تبقى هذه السورة تذكرنا بعظمة الخالق وقدرته على التدبير.
تفسيرات بعض الألفاظ في الآيات
- {الطَّارِقِ} تعني كل ما يأتي في الليل، ويتميز باسم “طارق” لظهوره ليلاً.
- ﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ﴾ يشير إلى النجوم اللامعة التي تنير الظلام.
- ﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ تعني أن كل نفس عليها حافظ، وهو الملائكة التي تحصي أعمال البشر الجليّة والسرية.
- ﴿مِن مَّاء دَافِقٍ﴾ يشير إلى الماء المنوي الذي يأتي من الرجال.
- ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ تشير إلى مكان نشأة الإنسان من عوامل أساسية لجنسه.
- ﴿تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ تعني أن سرائر القلوب يتم اختبارها، حيث توضح الآية أهمية النية في العقائد.
- ﴿وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ﴾ تشير إلى خصوبة الأرض وأثر الزراعة.
- ﴿لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ تعني أن القرآن يُفصل بين الحق والباطل.
- ﴿وَمَا هُوَ بِالهَزْلِ﴾ تشير إلى جدية ما جاء به الوحي.
- ﴿يَكِيدُونَ كَيْدًا﴾ تشير إلى المكائد التي يخطط لها الكافرون.
- ﴿أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا﴾ تعني الانتظار قليلاً، فهم في النهاية سيعلمون عاقبة ما كانوا يفعلون.
تناولنا في هذا المقال معلومات قيمة حول النجم الطارق وقدمنا تفاسير متعددة لمحتويات السورة،السورة ليست مجرد آيات، بل هي دعوة للتأمل والتفكر في عظمة الخلق وتقدير الحكمة الربانية،يبقى المنطلق لفهم هذه المعاني يتجلى في إعمال العقل والاعتراف بمدى عطاء الإسلام وكشف أسرار الكون.