كبّدت جائزة الكرة الذهبية الممنوحة من مجلة فرانس فوتبول الفرنسية، صفعة موجعة للبرازيلي فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد الإسباني، بعد خروجه من الباب الضيّق لحسابات التتويج، في وقت كان فيه المرشح الأبرز "إعلاميًّا" لمعانقة الجائزة الفردية المرموقة، غير أنّ "أمل التعويض" بدأ يلوح في أفق "راقص السامبا".
طموحات التدارك واستعادة شيء من الصورة التي تلطخت بفعل أحداث "البالون دور"، باتت ممكنة أمام فينيسيوس، الذي سيستهدف العودة إلى واجهة التتويجات بقوة، وهذه المرة من بوابة جائزة أخرى مماثلة على مستوى الوزن والقيمة، ألا وهي جائزة "فيفا ذا بيست" التي يقدّمها الاتحاد الدولي لكرة القدم، والتي من المرتقب أن يعلن عنها في حفل ضخم أوائل العام المقبل.
آمال فينيسيوس التي عادت إلى الحياة بعد "طعنة" الكرة الذهبية -على الأقل في نظر السواد الأعظم من عشاق "البلانكوس"- ليست مبنيّة على أمنيات، وإنّما تأسست وفقًا لقاعدة صلبة، تدعم نظرية واقعية من أرشيف الجائزتين، اللتين يقول تاريخهما بأنهما لطالما استعملتا أساليب الترضية، وحتى المناكفة بينهما عند منح الجوائز.
"ليفا" يحيي أمل "فيني" بعد ألم الكرة الذهبية
لا أحد بإمكانه إنكار الصدمة الكبرى التي عاشتها كل مكونات المجتمع المدريدي، من ناد وجماهير لفشل "فيني" في حصد الكرة الذهبية، التي كانت محسومة في مخيلة كل من يردّد "Hala Madrid"، ولعلّ ما يعكس ذلك القطيعة الكلية التي قام بها النادي بشكل رسمي قبيل ساعات من بداية الحفل، الذي احتضنه مسرح "شاتليه" في العاصمة الفرنسية باريس.
ورغم وقع انتكاسة الكرة الذهبية، غير أنّه لا ريال مدريد ولا فينيسيوس جونيور مستعدّان لرمي المنديل والتغاضي عن ردّ الدين لـ"فرانس فوتبول" في أقرب وقت ممكن، وهو ما أكده الدولي البرازيلي بنفسه في تفاعلاته على منصات التواصل الاجتماعي، بعد إعلان تتويج الإسباني رودري هيرنانديز نجم مانشستر سيتي بالجائزة، حين كتب على حسابه الرسمي في موقع "إكس" وبنبرة المتحدّي: "سأفعل ذلك 10 مرات أخرى إذا لزم الأمر. إنهم غير مستعدّين".
كلمات فينيسيوس القوية، تعطي فكرة عن مدى الجرح الغائر الذي خلّفته انتكاسة الكرة الذهبية بالنسبة لمعشوق "المدريديستا"، ولكن من ناحية أخرى تحدّيه للعراقيل قد يمنحه فرصة للتدارك، من خلال جائزة "فيفا ذا بيست" المقبلة، والتي قد تلعب على معطيات "الترضية" لترجيح كفة النجم البرازيلي على حساب رودري أو غيره في قائمة المرشحين.
وليس هذا الترجيح نابعًا من العدم، فأسلوب الترضية ليس غريبًا عن جوائز الاتحاد الدولي، الذي سبق وأن أهدى الجائزة للبولندي روبرت ليفاندوفسكي عام 2021 على حساب الأرجنتيني ليونيل ميسي، هذا الأخير الذي تفوّق على هداف برشلونة الحالي في صراع الكرة الذهبية في ذلك العام.
كما أنّ سيناريو "خالف تُعرف" أُعيد في عام 2022 حين أهدت "الفيفا" جائزة "الأفضل" لقائد منتخب التانغو عطفًا على تتويجه بمونديال قطر 2022، في حين ارتأت "فرانس فوتبول" منح كرتها الذهبية لمواطنها كريم بنزيما الذي قام بموسم تاريخي مع الريال.. هذه الاستثناءات وما تخفيه من "مناكفات" بين الجائزتين ستحيي آمال فينيسيوس، بعد أن طُمرت تحت تراب الفرنسيين الليلة الماضية.
"الفيفا" أقرب لمناكفة "فرانس فوتبول" والتاريخ يشهد!
تناول الصراع المحتدم بين الكرة الذهبية ومنافستها منذ تاريخ نشأتها في عام 2016 جائزة "فيفا ذا بيست" ليس من صنع الخيال، فالمؤسستان أي "الفيفا" من ناحية و"فرانس فوتبول" من ناحية أخرى، على اختلاف المقامات بينهما، حكم علاقاتهما "مدّ وجزر" طيلة السنوات الماضية، وهو ما أثّر بشكل جليّ في هوية المتوّجين في بعض النسخ، وهو أيضًا ما أبعد نسبة لا بأس بها من المصداقية والشفافية عن الجائزتين، بحسب عدة ملاحظين.
ما حدث مع نجم "الميرنغي" في مسرح "شاتليه"، قد يدفع الفيفا لإشعال فتيل الصراع مجددًا مع غريمتها، بمخالفة ترشيحاتها ومنح الجائزة لفينيسيوس، لا سيما أنّ التاريخ يخفي الكثير في علاقة المؤسستين، اللتين توحدتا في فترة لم تدم طويلًا من عام 2010 إلى 2015 وفي 6 نسخ فقط (فاز منها ميسي بأربع ورونالدو بنسختين)، قبل أن ينفصلا مجددًا لأسباب جوهرية تتعلق بقواعد منح الجوائز و"لعبة التسويق"، وغيرها من الجوانب الغامضة.
اجتماع فانفصال، دفع كلًّا من الجائزتين لسلوك طريقه، حيث عادت الكرة الذهبية لحضن فرانس فوتبول التي نظّمتها منذ عام 1956، في حين أنشأت "الفيفا" جائزة "ذا بيست" منذ 2016 لتكون استمرارًا لجائزة أفضل لاعب في العالم، التي انفردت بمنحها بين عامي 1991 و2009، قبل الاشتراك مع "البالون دور" لفترة معينة.
بالأرقام.. نزع الاستحقاق عن فينيسيوس جُحود!
بعيدًا عن استحقاق رودري بجائزة الكرة الذهبية الأولى له ولفريقه مانشستر سيتي تاريخيًّا، والذي يعتبره كثيرون "انتصارًا لكرة القدم" على حد تعبير النجم المتوّج بلقب اليورو مع لاروخا" الصيف الماضي، فإنّ ذلك لا يدعو لنزع "سترة الاستحقاق" عن جلد فينيسيوس، الذي قدّم بدوره أداءً مبهرًا وإسهامات جد مؤثرة مع "الفرقة البيضاء" التي أتت على أخضر القارة العجوز ويابسها في الموسم الماضي، بدءًا بلقب الليغا مرورًا بدوري الأبطال وصولًا إلى السوبر الأوروبي ومونديال الأندية.
وبرغم خيبته مع "السيليساو" في كوبا أمريكا 2024، إلا أنّ أرقام فينيسيوس مع الملكي أدارت رقاب الكل، حيث سجّل 24 هدفًا ومنح 11 تمريرة حاسمة في 39 مباراة، كما يعدّ اللاعب البالغ 24 عامًا والبالغة قيمته التسويقية 200 مليون يورو بحسب "ترانسفير ماركت" محور الأداء الأساسي لكتيبة الإيطالي كارلو أنشيلوتي برغم استقدام الفرنسي كيليان مبابي هذا الصيف، وفي المجمل وبعيدًا عن الأحكام القطعية، يمكن القول إنّ "النجم المشاكس" قدّم ما يشفع له رياضيًّا لينال استحقاق "الأفضل" من الفيفا، بعد ضربة "البالون دور".. ولو أنّه يبقى للمفاجآت دومًا مكان!