يُعد القرار 2254 الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في 18 ديسمبر 2015، نقطة انطلاق أساسية لحل الأزمة السورية سياسيًا. يؤكد القرار الالتزام بسيادة سوريا، استقلالها، وحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، مع وضع خارطة طريق واضحة لإنهاء الصراع.
يشمل القرار دعوة ملحة لوقف الهجمات على الأهداف المدنية ووقف إطلاق النار، إلى جانب دعم جهود التوصل إلى اتفاق شامل يقود لعملية انتقال سياسي بقيادة سورية وتحت إشراف الأمم المتحدة.
مبادئ التسوية السياسية والانتقال السياسي
أكد القرار أن الشعب السوري هو الوحيد المخول بتقرير مصير بلاده. ودعا إلى بدء مفاوضات رسمية بين ممثلي الحكومة السورية والمعارضة بشكل عاجل، للوصول إلى عملية انتقال سياسي.
وينص القرار على إنشاء «حكم ذي مصداقية وشامل وغير طائفي» خلال ستة أشهر، مع إعداد دستور جديد وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، ما يضمن تمثيلًا عادلًا للشعب السوري في المرحلة القادمة.
وقف الأعمال العدائية والمساعدات الإنسانية
يطالب القرار جميع الأطراف في سوريا بالتوقف الفوري عن الأعمال العدائية، بما في ذلك الهجمات الجوية على المناطق المدنية. كما يشدد على ضرورة السماح للوكالات الإنسانية بالوصول السريع والآمن إلى جميع المناطق المحتاجة دون عوائق، لا سيما في المناطق المحاصرة.
ويشير القرار إلى أهمية إطلاق سراح المعتقلين بشكل تعسفي، خاصة النساء والأطفال، ووقف الهجمات على المنشآت الطبية والتعليمية، إلى جانب رفع القيود المفروضة على القوافل الإنسانية.
عودة اللاجئين وإعادة الإعمار
أبرز القرار الحاجة الماسة إلى توفير الظروف المناسبة للعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين والمشردين داخليًا إلى ديارهم. كما نصّ على ضرورة إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الحرب، بما يتوافق مع القانون الدولي وبالتنسيق مع البلدان المضيفة للاجئين.
وفي إطار إعادة الإعمار، أكد القرار أهمية وضع خطط فعّالة وبرامج تنموية تعيد الحياة إلى البنية التحتية وتساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
دعم دولي وإجماع حول القرار
حظي القرار «2254» بدعم دولي واسع، حيث شدد وزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري على أهمية القرار، مؤكدًا أنه يمثل فرصة حقيقية لإنهاء الحرب ووضع سوريا على طريق السلام.
وفي هذا السياق، تسعى الأمم المتحدة، بقيادة مبعوثها الخاص غير بيدرسن، إلى تفعيل بنود القرار من خلال المفاوضات المستمرة بين الأطراف السورية، بهدف الوصول إلى حلول توافقية تُنهي الأزمة وتحقيق الاستقرار.
جهود بيدرسن في تفعيل القرار
خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق، أكد المبعوث الأممي بيدرسن على ضرورة رفع العقوبات الدولية عن سوريا، لتهيئة الظروف المناسبة لإعادة الإعمار وتحقيق الانتعاش الاقتصادي. كما شدد قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع، خلال لقائه ببيدرسن، على أهمية التعاون الفعال لإعادة تأهيل المؤسسات وبناء نظام قوي يحقق الاستقرار ويضمن عودة اللاجئين ضمن بيئة آمنة.
وأشار الشرع إلى ضرورة تنفيذ مراحل الانتقال السياسي بدقة وحذر تحت إشراف أممي متخصص لضمان نجاح العملية بشكل كامل.