منذ أكثر من ألف عام، يشكل الأزهر الشريف أحد أبرز منارات العلم والفكر الوسطي في العالم الإسلامي.
ولم يكن الأزهر مجرد مؤسسة تعليمية دينية، بل أصبح منصة عالمية تعزز التسامح والتعايش السلمي.
وبفضل احتضانه لآلاف الطلاب من أكثر من 100 دولة، تحول إلى ملتقى ثقافي يجمع مختلف الجنسيات والأديان.
الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، أكد في أكثر من حديث له أن الأزهر يُعنى بتعليم الطلاب القيم الإنسانية والروحية التي تُرسخ الاحترام المتبادل بين الشعوب.
كما أشار إلى أهمية التنوع الثقافي في إثراء الحوار العالمي.
ويقدم الأزهر الشريف برامج تعليمية تشمل دراسات متنوعة مثل الفلسفة، التاريخ، واللغات، ما يُعد الطلاب ليكونوا قادة في نشر رسالة الإسلام السمحة القائمة على التعايش ونبذ التطرف.
في هذا التقرير، يسلط موقع «بلدنا اليوم» الضوء على البعثات الطلابية التي يحتضنها الأزهر الشريف، والبرامج التعليمية التي يقدمها لطلابه ليتمكنوا من نشر رسالة الإسلام السمحة في جميع أنحاء العالم.
البعثات الطلابية
يُعد نظام البعثات الطلابية في الأزهر من أبرز الأدوات التي تُسهم في نشر قيم التسامح عالميًا، حيث يرسل الأزهر طلابه إلى دول في آسيا، أفريقيا، وأوروبا للعمل في مجالات الدعوة والتعليم والخدمات الإنسانية.
على سبيل المثال، لعبت البعثات الأزهرية في أفريقيا دورًا هامًا في إنشاء مراكز تعليمية ومشاريع إنسانية تهدف إلى تقوية الروابط بين الأديان.
وفي نيجيريا، عمل طلاب الأزهر على تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، مما ساهم في تقليل حدة التوترات الطائفية.
ولم يقتصر الأزهر على تعليم العلوم الشرعية فقط لطلابه، بل جعلهم يدركوا أهمية أن يكونوا دعاة سلام في مجتمعاتهم، وأن يواجهوا التحديات بالتفاهم والحوار.
برامج الحوار بين الأديان
من بين المبادرات المميزة التي يقدمها الأزهر، تأتي برامج الحوار بين الأديان التي يتم تنظيمها بالتعاون مع مؤسسات عالمية مثل الفاتيكان.
هذه البرامج تهدف إلى إعداد الطلاب ليكونوا قادة في تعزيز التعايش السلمي.
وتشمل الدورات التدريبية ورش عمل ومحاضرات حول كيفية فهم الآخر واحترام معتقداته، ما يساهم في بناء جسور من التواصل مع الثقافات المختلفة.
الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، أوضح في بيان له أن هذه البرامج تمثل أحد المحاور الأساسية في مواجهة التطرف الديني ونشر رسالة الإسلام الوسطية.
المنح الدراسية
يقدم الأزهر منحًا دراسية للطلاب من دول تعاني من أزمات اقتصادية أو سياسية، مثل دول أفريقيا وآسيا الوسطى.
وتشمل هذه المنح تغطية الرسوم الدراسية وتوفير سكن مجاني، بالإضافة إلى مصروفات شهرية.
والأزهر الشريف لم يمنح طلابه فقط فرصة للتعليم، بل علمهم كيف يكونوا جسرًا بين الثقافة والدين وبقية العالم.
رعاية الطلاب الوافدين
المدينة الجامعية التابعة للأزهر تُعد نموذجًا فريدًا للتعايش الثقافي، إذ يعيش الطلاب من جنسيات مختلفة مثل ماليزيا والصومال والبوسنة في بيئة مشتركة تتيح لهم التعرف على ثقافات متنوعة.
الأنشطة الثقافية والرياضية التي تُنظم في المدينة الجامعية تُساهم في تعزيز الروابط بين الطلاب، مما يُثري تجربتهم الشخصية والتعليمية.
التسامح في المناهج الأزهرية
تمثل المناهج الدراسية في الأزهر أحد أعمدة نشر قيم التسامح، حيث تشمل دراسة مقارنة بين الأديان المختلفة، بالإضافة إلى مواد عن حقوق الإنسان والتنوع الثقافي.
ويهدف الأزهر الشريف إلى تخريج طلاب يمتلكون رؤية عالمية قائمة على قبول الآخر، وفهم التحديات التي تواجه البشرية.
مبادرات إنسانية عالمية يقودها طلاب الأزهر
لم يقتصر دور الأزهر على التعليم فقط، بل امتد ليشمل العمل الإنساني، حيث يشارك طلاب الأزهر في حملات إغاثة ومبادرات لدعم اللاجئين والمتضررين من الكوارث الطبيعية.
في زلزال تركيا وسوريا الأخير، ساهم طلاب الأزهر في تقديم المساعدات الإنسانية بالتعاون مع منظمات دولية، مما يعكس رسالة الأزهر الإنسانية.
التواصل مع الجاليات المسلمة في الغرب
يلعب خريجو الأزهر دورًا بارزًا في دعم الجاليات المسلمة في الدول الغربية، حيث يعملون كأئمة ومعلمين ومستشارين لتعزيز قيم الاعتدال ونشر صورة إيجابية عن الإسلام.
ولم يقتصر التعليم الأزهري على العلوم الشرعية فقط، بل يمتد إلى ترسيخ قيم التعايش الإنساني وتعزيز مبادئ الرحمة، فالأزهر الشريف يعلم طلابه أن الإسلام هو دين يدعو للرحمة والتعايش السلمي بين البشر، بعيداً عن أي مظاهر للتطرف أو العنف.
ويتم نقل هذه القيم وتقديمها في المجتمعات الغربية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وبناء صورة إيجابية تعكس حقيقة الإسلام كدين يحث على السلام والاحترام المتبادل.
اقرأ ايضا