شهدت صناعة الطاقة الشمسية في أميركا نموًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، إلّا أن مستقبل القطاع يواجه تحديّات كبيرة وسط سياسات تجارية مرتقبة للتصنيع المحلي وتأثيرها في ديناميكيات التسعير داخل البلاد.
من المرجّح أن يفرض تنفيذ الإجراءات الحكومية قيودًا على سلاسل التوريد الدولية، ما يؤثّر في كل من المصنّعين والمستهلكين.
وقد أدى استحواذ المصنّعين الصينيين على السوق، إلى جانب قدرتهم على خفض الأسعار على نطاق عالمي، إلى ضغوط متزايدة على المنتجين المحليين في الولايات المتحدة.
ولم تصل صناعة الطاقة الشمسية في أميركا حتى الآن إلى وفورات الحجم التي تتميز بها أكبر الأسواق العالمية مثل الصين.
وتخطّت قدرة تصنيع الوحدات الشمسية في الصين 1 تيراواط في بداية 2024، ما يمثّل 50 ضعف مثيلتها في الولايات المتحدة البالغة 18.5 غيغاواط فقط، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
صناعة الطاقة الشمسية في أميركا تتأثر بالسياسات الحكومية
من المتوقع حدوث المزيد من الإجراءات التجارية التي تؤثّر في سلاسل التوريد لمكونات صناعة الطاقة الشمسية في أميركا.
قد تشمل التطورات المحتملة رفع التعرفات الجمركية الحالية، أو توسيع نطاقها، أو فرض رسوم جديدة على الرقائق، خاصة تلك المصنوعة في الصين، أو إمكان حظر استيراد المعدات لأسباب جيوسياسية.
يأتي ذلك بالتزامن مع تهديدات المرشح للرئاسة دونالد ترمب بفرض تعرفات جمركية بنسبة 60% على جميع الواردات من الصين، ما يزيد من حالة عدم اليقين لمستقبل صناعة الطاقة الشمسية في أميركا، بحسب تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة (وود ماكنزي).
قيود الواردات قد تزيد من نمو التصنيع المحلي
من المرجّح أن تؤدي القيود المفروضة على الواردات إلى توسّع كبير بقدرة صناعة الطاقة الشمسية في أميركا محليًا.
وقد ارتفعت واردات الولايات المتحدة من الألواح الشمسية بنسبة 82% على أساس سنوي في العام الماضي.
ويتزامن ذلك مع وصول إجمالي عدد تركيبات الطاقة الشمسية التراكمية في الولايات المتحدة إلى 5 ملايين حتى عام 2023، الذي من المتوقع أن يتضاعف ليصل إلى 10 ملايين بحلول 2030، مع تقديرات أن تصل إلى 15 مليونًا بحلول 2034، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ومع محدودية الإمدادات، فإن الطلب على المعدّات المنتجة محليًا سيرتفع؛ ما يدفع المصانع القائمة إلى تسريع جداول إنتاجها لتلبية متطلبات السوق.
ويبدو أن مجال النمو الأكثر أهمية في هذا القطاع هو إنتاج الخلايا الشمسية، إذ تنصّ إرشادات مصلحة الضرائب الحالية في الولايات المتحدة على استعمال مشروعات الطاقة الشمسية في نطاق المرافق الخلايا المنتجة محليًا، للحصول على ائتمانات ضريبية إضافية للمكونات المحلية؛ ما يوفر حافزًا قويًا لتعزيز التصنيع المحلي.
نمو سلسلة التوريد المحلية يتطلب تكاليف أعلى
قد يؤثّر توسُّع صناعة الطاقة الشمسية في أميركا محليًا في الأسعار، ومع زيادة الإنتاج وتحسُّن الكفاءة ستنخفض تكاليف تحويل الرقائق إلى خلايا، ثم إلى وحدات تدريجيًا.
ومع ذلك، من المرجّح أن تظل الأسعار أعلى بكثير من الواردات، وخاصة من دول جنوب شرق آسيا التي تتمتع بقدرات كبيرة في تصنيع الطاقة الشمسية تلبي احتياجات السوق الأميركية.
ويمكن أن تُعزى الأسعار المرتفعة لمعدّات الطاقة الشمسية المصنّعة في أميركا إلى عدّة عوامل، من بينها ارتفاع تكاليف العمالة، التي ترجع إلى متطلبات التدريب والتنوع، وممارسات التوظيف المحلية، وزيادة معدل دوران العمالة بالمقارنة مع الدول الأخرى.
دعم الموردين المحليين
يُمثّل بناء علاقات قوية مع الموردين المحليين أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للمشترين، وقد تؤدي السياسات الحكومية الجديدة قصيرة الأجل بقطاع صناعة الطاقة الشمسية في أميركا إلى نقص الإمدادات؛ ما قد يؤثّر في إستراتيجيات الشراء لمشروعات الطاقة الشمسية، وفق ما اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
ويشارك العديد من المطورين -حاليًا- في عمليات تقديم العطاءات، ورغم أن هذه الأساليب تستغرق وقتًا طويلًا، فإنها يمكن أن تقلل التكاليف.
وفي السياق نفسه، يمكن أن يؤدي التحول نحو سلاسل توريد محلية إلى توفير خيارات متزايدة للمشترين، ويقلل من المخاطر المرتبطة بالتجارة الدولية، وتعزيز فرص العمل والتنويع الاقتصادي.
ورغم أن تقييد الواردات يمكن أن يعزز صناعة الطاقة الشمسية في أميركا محليًا، فإنه قد يؤدي إلى اضطرابات في السوق، وارتفاع تكاليف المعدّات، ويُعرّض مبادرات الطاقة الشمسية للخطر، وربما تقويض أهداف إزالة الكربون.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..