تناولت أطروحة تقدمت بها بهيجة مشكور، الإطار بوزارة المالية، خلال الأسبوع الحالي، أمام لجنة المناقشة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش التابعة لجامعة القاضي عياض، موضوعا بالغ الأهمية في مجال القانون الخاص، يتمثل في “السلطة التقديرية لقاضي الموضوع المدني”، خاصة في سياق العقود كأحد النماذج المحورية للعلاقات القانونية.
وقد أظهرت الباحثة، من خلال دراستها التحليلية والمقارنة، عمق الدور الذي يقوم به القاضي في تحقيق التوازن بين أطراف العلاقة التعاقدية وضمان العدالة والإنصاف.
ومن التوصيات الرئيسية لهذه الأطروحة: ضرورة تعديل التشريعات المغربية لتتماشى مع تطورات العصر، بما يشمل تقنين تدخل القاضي في تعديل العقود عند وقوع ظروف طارئة، وتمكين القاضي من مراقبة شروط عقود الإذعان لحماية المستهلك، وتخفيف الصلابة المفرطة لمبدأ القوة الملزمة للعقد، وتعزيز دور القاضي في إيجاد حلول متوازنة تحقق العدالة وتقلل من آثار الظروف القاهرة أو الطارئة على العلاقة التعاقدية.
كما دعت الباحثة إلى تعديل الفصل 230 من “قانون الالتزامات والعقود” المغربي لتقليل صرامة مبدأ القوة الملزمة للعقد في حالات الطوارئ. واقترحت مشكور تدخل المشرع لإعادة صياغة القواعد المتعلقة بعقود الإذعان؛ ما يتيح للقاضي سلطة أوسع للتدخل لحماية المستهلك من الشروط التعسفية التي قد تهدد التوازن العقدي.
ومن أبرز محاور الأطروحة ذاتها أن القاضي يمتلك دورا فعالا في تأويل وتطبيق القوانين على الوقائع المعروضة عليه، لضمان حماية الطرف الأضعف وإعادة التوازن بين أطراف العقد. ويشمل هذا الدور بسط الرقابة على مراحل العقد كافة، من إبرامه إلى تنفيذه. وإعادة التوازن في العقود، إذ استندت الأطروحة إلى مثال “جائحة كوفيد-19” كحالة تستوجب تدخل القاضي لتخفيف الأعباء غير المتوقعة عن المدين، نظرا لكونها ظروفًا طارئة خارجة عن الإرادة.
وتميزت لجنة المناقشة بالتنوع والخبرة الأكاديمية، حيث أشرف عليها أساتذة جامعيون من مختلف الجامعات المغربية. وأشادوا بمستوى البحث وجودة التحليل؛ ما جعل الباحثة بهيجة مشكور تستحق بجدارة ميزة “مشرف جدًا”، مع التنويه.
