تحت عنوان “بنية تحتية ذكية: الاستثمار في مستقبل إفريقيا المتصل”، اجتمع خبراء من دول أفرو-أطلسية، مساء الجمعة بالرباط، ضمن فعاليات المؤتمر السنوي لمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد “الحوارات الأطلسية”، خلال جلسة عامة لمناقشة “كيف تتماشى مبادرات البنية التحتية الذكية مع أهداف التنمية المستدامة في إفريقيا وكيف تعزز البنية التحتية الذكية الربط الإقليمي؟”.
انطلقت الجلسة، التي تناوب على الحديث فيها متدخلون متعددو التخصصات، من أرضية غنية بالتساؤلات المؤطرة، من قبيل “ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تمويل مشاريع البنية التحتية الذكية وتوسيع نطاقها؟”، و”كيف يمكن لصانعي السياسات معالجة المخاطر المتعلقة بالبنية التحتية الرقمية وحوكمة البيانات والأمن السيبراني؟”.
أركيبي أوكوباي ميتيكو، أستاذ إثيوبي يدرس بالأكاديمية البريطانية للدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، سجل ضمن حديثه أن “التكنولوجيا الذكية تعني الجمع بين الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والبيانات الضخمة والتقنيات الخضراء لتحقيق تقدُّم تحويلي” (transformative progress).
ولفت الأكاديمي ذاته إلى “نمو مذهل بصمت عليه التجارة الإلكترونية”، حسب توصيفه، مبرزا أنها انتقلت من 27 مليار دولار سنة 2000 إلى 5 تريليون دولار عام 2024، في أفق أن تناهز 33 تريليون دولار بحلول سنة 205).
“التكنولوجيا الخضراء” المعتمدة على “تخزين البطاريات” والطاقة الشمسية، تُعيد، وفق الأستاذ بجامعة لندن، “تشكيل أنظمة الطاقة وخفض الانبعاثات”. وزاد ملاحظا أن “تقدّم أفريقيا في مجال التكنولوجيا آخذ في النمو، لكن الوتيرة العالمية تخلق فجوة رقمية، سدُّها أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة”.
من جانبه، أورد خورخي أرباش، سكرتير دولي لوزارة التخطيط-جامعة برازيليا، أن “الموارد الطبيعية في إفريقيا وفيرة لكنها نادرة بشكل متزايد”، مردفا بأنه “يُمكن للتكنولوجيا الذكية أن تفتح الحلول”.
واعتبر المسؤول البرازيلي ضمن مداخلته أن “التكنولوجيا أمر بالغ الأهمية لتحقيق التنمية الخضراء في إفريقيا: الطاقة الخضراء، والمعادن الحيوية، وإنتاج الغذاء، وتسعير الطاقة هي كلها مجالات تعتبر التكنولوجيا الذكية ضرورية فيها”.
وبينما تتركز المناقشات الجارية حول “التكنولوجيا والاستدامة” على إمكانات إفريقيا، فإن الفلاحة قطاع حيوي للتعاون الاقتصادي، وهو ما أكده نيكولا ماسو، عضو الكونجرس الوطني الأرجنتيني، بقوله: “خبرة أمريكا الجنوبية في نماذج الزراعة القائمة على الأسرة والقابلة للتطوير تقدم دروساً قيمة لإفريقيا”، مضيفا أنه “يمكن لعمليات نقل التكنولوجيا-مثل الزراعة بدون حرّاثة-أن تقلل التكاليف وتحافظ على الموارد وتتماشى مع الأهداف المناخية”.
واستدل على فكرته بأن “الزراعة قطاع رئيسي للتعاون بين مناطق جنوب المحيط الأطلسي. وتمتلك القارة الإفريقية 60% من الأراضي الخصبة غير المستغلة عالمياً، ومع ذلك تستورد ما قيمته 80 مليار دولار من الغذاء سنويًا”، في مفارقة صارخة لفت إليها عضو الكونجرس الأرجنتيني انتباه المشاركين في “الحوارات الأطلسية”.
وختم ماسو مقترحاً العمل على تقوية “مجال واحد يمكن أن تتعاون فيه دول جنوب المحيط الأطلسي وأمريكا الجنوبية وإفريقيا الأطلسية لتحقيق التكامل الاقتصادي، خاصة من خلال القطاع الخاص وليس فقط مبادرات القطاع العام، وهو الزراعة.”
يشار إلى أن مؤتمر “الحوارات الأطلسية”، في دورته الثالثة عشرة، قد انطلق أول أمس الخميس ويستمر إلى غاية اليوم السبت، لمناقشة تحديات وإمكانات تحقيق “أطلسي أوسع نطاقاً وأكثر اندماجًا”، بفعاليات تجمع بين الموائد المستديرة والجلسات العامة، فضلا عن “فعاليات مغلقة”.
هذه النسخة الحالية، وفق المنظمين، “تتميز بالانتقال من مؤتمر بموضوع واحد إلى مؤتمر متعدد التخصصات والتّيمات، مما يعكس النضج الذي اكتسبته “الحوارات الأطلسية” على مر السنوات”. كما حظيت “المبادرة الأطلسية المغربية” باهتمام كبير كمشروع واسع يهدف إلى انفتاح اقتصاديات دول الساحل، تنفيذا للرؤية الملكية المعبّر عنها في خطاب الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء.