قال فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الناطق الرسمي باسمها، إن موقف “الجماعة” حيال وضع سوريا كـ”أمانة في أعناق كل الشعوب والدول العربية والإسلامية، لدعمها وإنجاح انتقالها نحو الديمقراطية والعدالة والحرية”، يمثل دعوة صريحة لهذه الدول من أجل “مؤازرة هذا الشعب الذي نال حريته للتو” بما جعل بلده اليوم بمثابة “دولة فتيّة”.
وضمن دردشة مع هسبريس عقب إصدار الجماعة موقفها الرسمي، الذي يبارك “للشعب السوري الشقيق هذا النجاح الكبير”، نادى أرسلان بأن تكون المساعي الجماعية واضحة، وهي “حماية سوريا من التدخل الأجنبي”، ومن “التوسع الصهيوني الذي ظهر سريعاً خلال اليوم الأول من إسقاط النظام، وإعلان الكيان انهيار اتفاق فض الاشتباك للعام 1974 مع سوريا بشأن الجولان والاستيلاء على المنطقة العازلة”.
وقال القيادي في “العدل والإحسان” إن “الدول العربية الإسلامية لو توحدت في موقف صارم وصريح تجاه هذا التوسع الإسرائيلي لتبدّد الاطمئنان الصهيوني بأن جميع دول المنطقة منبطحة”، وأضاف: “الشعب السوري بدوره يجب أن يتوحد وتتخلى الأطراف السورية كلها عن المصالح الذاتية والشخصية؛ من ثمّ تضع المصلحة العليا للبلد والشعب السوري فوق المصالح الضيقة التي تخصّ طائفة بعينها. هذا وقت التوافق السياسي”.
أرسلان حذّر ممّا أسماه “تهديدات كثيرة للتفتيت تتربّص بهذا الشعب الذي تعرض لظلم كبير طيلة سنوات”، مناديا بأن تستفيد التجربة السورية من النتائج التي آلت إليها الأوضاع في العراق وليبيا لضمان عدم التكرار”، وأورد: “لا تحتاج سوريا هذا التفتيت ولا انهيار الدولة ومؤسساتها كما حدث في هذين البلدين، لأن الثمن الذي قدمه الشعب السوري باهظ للغاية ويحتاج عشرات السنين في مسار التعافي”.
وأوصى المتحدث بقية المتابعين لما يحدث بـ”الكفّ عن التّحيز لجهة دون أخرى”، حتى “نساند شروط الوحدة الوطنية في هذا البلد والتكتل ورفض التدخل الخارجي وتجاوز هذه العقبة الأولى في هذه المرحلة الانتقالية”، وزاد: “الوضع الجديد لا يحتاج أن تكون هناك كبوة أخرى تعرقل هذا الحلم الذي ينضج في سوريا الحرة. الوضع يتطلّب تفادي الانتكاسات التي آلت إليها ثورات ما سمّي الربيع العربي”.
ولدى سؤاله عن الدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب في هذا المسار الذي تدعو إليه “الجماعة”، بالنظر إلى دور المملكة الدبلوماسي المهم على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ودعوتها الراسخ إلى “الحرص على السلام”، ردّ أرسلان: “الأمر يحتاج اليوم تصورا جماعيا، بما أن الدول العربية دورها باهت؛ دور المتفرج أكثر منه دور الفاعل”، مشددا على أن “رصّ الصفوف يجعل الكلمة قوية وتدفع بسفينة الاستقرار في سوريا ودول أخرى نحو المسار الصحيح”.
وجاء في بيان جماعة العدل والإحسان أنه “بعد أكثر من عقد من التضحيات الجسام، نجح الشعب السوري الشقيق في تحقيق مطلبه الذي خرج من أجله في ثورة شعبية عارمة، قدم خلالها أثمانا باهظة جدا من الشهداء والجرحى والمهجرين”، كما اعتبر أن “هذا ما يؤكد على أن إرادة الشعوب لا تقهر، وأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب”، وفق صياغة الوثيقة.
وزادت الجماعة الإسلامية نفسها: “إننا في الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان بالمغرب، إذ نبارك للشعب السوري الشقيق هذا النجاح الكبير، فإننا نجدد بهذه المناسبة مواقفنا المبدئية الرافضة لكل أشكال الاستبداد وقهر الناس”، داعية “كل مكونات الشعب السوري إلى رص الصفوف وتغليب مصلحة سوريا على باقي المصالح، من خلال حوار وطني شامل”.
هذا الحوار، وفق البيان، “يوحد الصفوف لتحقيق انتقال حقيقي نحو بناء دولة ديمقراطية تضمن الحقوق والعدالة الاجتماعية، وتصون كرامة كل السوريين، ويجعل من سوريا دولة قوية قادرة على تحقيق التنمية المرجوة والوحدة الوطنية المطلوبة والمساهمة في نهضة الأمة ورفعتها”، كما حذر البيان ذاته “من جعل سوريا حقلا للتدخل الأجنبي، وخاصة الكيان الصهيوني الذي يريد استغلال الظرفية للتمدد في الأراضي السورية”.