شهدت العلاقات المغربية- الأمريكية في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي أعيد انتخابه على رأس الولايات المتحدة، تطورات مهمة أسست لخروج واشنطن بموقف داعم لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. جاء هذا الموقف تتويجا لعقود من العلاقات القوية بين البلدين، إذ تُعد المملكة المغربية واحدة من أهم الحلفاء الاستراتيجيين والشركاء الرئيسيين للولايات المتحدة الأمريكية في العديد من القضايا والملفات التي تهم الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية.
ومع عودة ترامب، الذي أظهر رغبة واضحة في إعادة رسم ملامح النظام الدولي من خلال دعم حلفاء أمريكا وحماية مصالحهم القومية وإبراز أدوارهم الإقليمية في مواجهة مجموعة من التحديات التي تشهدها الساحة الدولية، يتوقع مهتمون بالشأن الدولي أن تعزز هذه العودة فرص المغرب للظفر بمقعد دائم في مجلس الأمن في إطار الجهود الدولية الرامية إلى إعادة هيكلة هذا المجلس ليتماشى مع التوازنات الجيوسياسية الحالية، خاصة ما يتعلق بتمثيلية إفريقيا داخله.
علاوة على ذلك، فإن العلاقات الوثيقة التي أقامها المغرب مع واشنطن خلال ولاية ترامب، بما في ذلك التعاون العسكري والأمني، تعزز من فرص حصوله على دعم أمريكي في هذا الإطار، إذ يبرز المغرب كمرشح قوي لشغل عضوية مجلس الأمن؛ بالنظر إلى إسهاماته في إرساء دعائم الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب وآثار التغير المناخي التي تحتل أولوية على أجندة الأمم المتحدة، إضافة إلى نجاحه في بناء شبكة واسعة من التحالفات الإقليمية والدولية، مما يجعله مرشحا قويا لتمثيل إفريقيا في مجلس الأمن.
وكانت واشنطن قد أكدت على لسان ليندا توماس غرينفيلد، ممثلتها في الأمم المتحدة، دعمها لإحداث مقعدين دائمين للدول الإفريقية في مجلس الأمن. هذا المطلب تبنته أيضا عدد من الدول الإفريقية إلى جانب أنطونيو غوتيريش، الأمين العام الأممي، الذي دعا بدوره إلى إصلاح مجلس الأمن وتصحيح الظلم التاريخي الذي تعرض له الصوت الإفريقي داخل هذه الهيئة الأممية.
وفي تفاعل مع هذا الموضوع، قال إدريس قسيم، باحث في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، ، إن “إفريقيا لا تستحق فقط منحها مقعدين دائمين في مجلس الأمن، ولكن إصلاح نظام الأمم المتحدة الذي أضحى ضرورة ملحة لعدة اعتبارات، لا يمكن أن يتم دون تعزيز موقع إفريقيا التمثيلي في كل هياكلها وعلى رأسها مجلس الأمن”.
وأضاف قسيم، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا الإصلاح الهيكلي لا بد أن يشمل بطبيعة الحال فلسفة اشتغال هذا النظام، حيث يضمن إدماج الدول التي تتمتع بثقل وامتداد جيوسياسي في الأنظمة الإقليمية الفرعية في إفريقيا، ناهيك عن انسجامها مع الشروط والخصائص السياسية والاقتصادية والأمنية المهيكلة للنظام العالمي بشكل عام”، مؤكدا أن “المغرب يحوز إلى حد بعيد هذه الشروط والمواصفات، خاصة أن شبكة تحالفاته وعلاقاته وامتداداته الإفريقية متعددة ومتنوعة، وأبان عن انحيازه واصطفافه إلى جانب قضايا إفريقيا”.
وفي تفاعل مع سؤال للجريدة حول فرص المغرب في ظل وصول ترامب إلى السلطة، أكد الباحث ذاته أن “الإدارة الأمريكية الجديدة ستفضل التعامل مع إفريقيا من منظور تقسيماتها الإقليمية؛ وهو ما قد يساعد المغرب، باعتباره أحد الفاعلين الرئيسيين في المغرب العربي وشمال إفريقيا، على الظفر بمقعد دائم في مجلس الأمن”.
وأضاف أن “المغرب يملك الحافز والدافع الذي يشجعه على إطلاق دينامية متعددة الأبعاد من أجل الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن؛ ويتعلق الأمر بالرغبة في حسم ملف الصحراء، الذي سبق أن حقق فيه اختراقات مهمة في الولاية السابقة للرئيس ترامب”.
من جهتها، أوردت شريفة الموير، محللة سياسية، أن “المغرب اليوم، وبفضل تحالفاته الدولية، عزز موقعه كقطب قاري ورقم مهم داخل التحالفات الدولية”، مضيفة أن “سياسته تجاه شركائه جعلته يحظى بدعم دولي في قضاياه المصيرية من طرف دول ذات وزن في مجلس الأمن الدولي؛ وبالتالي فإن حظوظ المغرب تضاعفت في الحصول على مقعد دائم بمجلس الأمن”.
وأكدت الموير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “التقارب بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل عهدة ترامب، يرجح فرضية حصول المغرب على تأييد أمريكي في هذا المستوى، خاصة في ظل تقاطع أجندات الرباط وواشنطن ومواقفهما تجاه عدد من القضايا”، مشيرة إلى أن “المكانة التي أصبح المغرب يحتلها دوليا، من خلال انفتاحه على شركاء جدد بالإضافة إلى سياسته الخارجية المتوازنة، تعزز فرص تمثيله لإفريقيا داخل هذا المجلس الأممي”.
وحول الدول المنافسة للمغرب في هذا الإطار، أفادت المتحدثة ذاتها بأنه “لا يمكن في ظل السياق الحالي الحديث عن أية دولة منافسة للمملكة، التي حققت نجاحات دبلوماسية واقتصادية كبرى ووسعت شبكة علاقاتها وانفتحت على فضاءات جيوسياسية عديدة؛ وكلها عوامل تصب في صالح المغرب، وتضعف مواقف منافسيه المحتملين”.