"محلك سر"، هكذا حال العديد من مشروعات القوانين التي باتت معطلة في مجلس النواب، رغم مرور أكثر من 10 سنوات، فمنذ الفصل التشريعي الأول برئاسة الدكتور علي عبدالعال، لم تحظ هذه القوانين بالخروج إلي النور، رغم أهميتها للمواطنين، ووسط ترقب من الشارع المصري، ينعقد فصل تشريعي جديد برئاسة المستشار حنفي الجبالي، تأتي هذه القوانين لتثير تساؤلات حول أسباب تأجيلها المستمر.. "البوابة" تواجه مجلس النواب بقوانين مهمة قبل إنهاء مهمته.
قانون الايجار القديم
(برلمان 2015)
قانون الإيجار القديم يعد أحد الألغام التشريعية داخل مجلس النواب، ومع كل حديث عن مناقشته، تتصاعد حالة الجدل حول الأضرار المحتملة التي قد تترتب على تعديلات هذا القانون.
في عام 2015، تقدم النائب عبدالمنعم العليمي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، بمشروع قانون يهدف إلى تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، مستندًا إلى التشريعات المعمول بها منذ أربعينيات القرن الماضي وقانون 49 لسنة 1977. وأشار العليمي إلى أن الفترة التي تلت هذا القانون شهدت عدم اتزان في عقود الإيجار، حيث نص مشروعه على أن "يسرى العقد الصادر للمستأجر الأصلي، لصالح الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة، لمدة خمس سنوات من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون"، مع الالتزام بتحرير عقد الإيجار خلال هذه المدة.
في عام 2016، أعلن النائبان الدكتور إسماعيل نصر الدين والمهندس معتز محمد محمود عن تقديمهما مشروع قانون جديد للإيجار القديم، مؤكدين أن هناك اعتراضات من جانب المستأجرين سيتم أخذها بعين الاعتبار خلال المناقشات. وبيّن الدكتور إسماعيل أن المشروع يهدف إلى مراعاة السلم الاجتماعي مع الحفاظ على حقوق الطرفين.
وفي عام 2020، قبل انتهاء الفصل التشريعي الأول، تساءل النائب عبدالمنعم العليمي عن أسباب تأخير لجنة الإسكان مناقشة التعديلات المتعلقة بزيادة الأجرة للأماكن السكنية. ورغم محاولات النواب، انتهى مجلس الدكتور علي عبدالعال دون أن يرى القانون النور، مما أدى إلى تراجع آمال المواطنين في حل هذه الأزمة.
برلمان 2020
في عام 2022، وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على مشروع قانون بتعديل قانون الإيجار القديم لغير الأغراض السكنية، وهو ما قدمته الحكومة.
ومع مطلع أكتوبر 2023، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مؤتمر "حكاية وطن"، مجلس النواب بإعداد قانون متكامل يعالج أزمة الإيجارات القديمة، التي أدت إلى وجود حوالي 2 مليون وحدة سكنية مغلقة، حيث اختار أصحابها دفع الإيجار المنخفض لهذه الوحدات والانتقال للسكن في أماكن أخرى.
وفي أبريل 2024، أكد المهندس طارق شكري، وكيل لجنة الإسكان بمجلس النواب، ضرورة أن يبدأ قانون الإيجار القديم من الحكومة، نظرًا لقدرتها على جمع البيانات وطرح الحلول. وأوضح أن ملف الإيجار القديم معقد للغاية، حيث يعاني كل من المالك والمستأجر.
وشدد شكري على أهمية إصدار الحكومة لقانون الإيجار القديم بعد دراسة دقيقة، قبل إحالته إلى مجلس النواب الذي سيدرسه من جميع جوانبه لضمان عدم ظلم أي طرف. وحتى الآن، ينتظر أعضاء مجلس النواب تقديم الحكومة لمشروع قانون جديد بشأن الإيجارات القديمة لمناقشته قبل انتهاء الفصل التشريعي الثاني.
قانون الأحوال الشخصية
يعد مشروع قانون الأحوال الشخصية من أبرز القوانين المثيرة للجدل في البرلمان، حيث يتناول قضايا جوهرية تتعلق بحياة المواطنين، مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال.
برلمان 2015
في عام 2015، أنهى المجلس القومي للمرأة، برئاسة السفيرة ميرفت التلاوي، حصر المواد التي تتطلب تعديلات في قانون الأحوال الشخصية. جاء هذا بناءً على الشكاوى التي تلقتها مكاتب شكاوى المرأة بالمجلس، حيث أعد المشروع بهدف إنهاء النزاعات الأسرية وحماية حقوق الأطفال.
في نفس العام، أعلن الاتحاد العام لنساء مصر عن الانتهاء من مسودة مقترح قانون خالٍ من التمييز، يهدف إلى تحقيق المصلحة الفضلى للطفل والأطراف المعنية في الأسرة.
كما تقدم النائب الدكتور محمد فؤاد بمشروع قانون يهدف إلى تحقيق التوازن بين حقوق الزوج والزوجة. وفي عام 2017، قدمت النائبة مارجريت عازر مشروع قانون يركز على المرأة المطلقة غير الحاضنة، الذي يهدف إلى دعم السيدات الأكبر سنًا بعد انتهاء حضانتهن، خاصة أن النفقة تتوقف بعد عام من الطلاق.
لكن، حتى نهاية الدور التشريعي الأول، لم يتم مناقشة القانون بشكل كامل، ورفع الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس آنذاك، أعمال المجلس دون الموافقة على القانون.
برلمان 2020
مع بداية الفصل التشريعي الثاني، وبالتحديد في عام 2022، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بتشكيل لجنة قانونية مختصة لإعداد مشروع قانون جديد يضمن حقوق جميع الأطراف. وعلى إثر ذلك، قام عدد كبير من النواب بإعداد مشروعات قوانين مختلفة للأحوال الشخصية.
في العام نفسه، تقدمت النائبة أمل سلامة بمشروع قانون يتضمن تعديلات على أحكام قانون الأحوال الشخصية بشأن النفقة وإثبات الطلاق، مشددة على ضرورة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل. كما تقدمت النائبة هالة أبو السعد بمشروع قانون يتطلب إجراء تحاليل للمخدرات قبل الزواج للحد من حالات الطلاق.
أيضًا، قدمت النائبة نشوى الديب تعديلات على قانون الأحوال الشخصية تتعلق بتعدد الأزواج، موضحة أنه يجب تنظيم هذه المسألة عبر الحصول على إذن من المحكمة. وتظل قضية قانون الأحوال الشخصية موضوعًا حيويًا يحتاج إلى مناقشة جادة لضمان حقوق جميع الأطراف.
ومن جهتها أكدت النائبة أمل سلامة عضو مجلس النواب، أن مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون الأحوال الشخصية، الذي تقدمت به يعكس التزام الدولة بحماية حقوق المرأة وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل.
وأوضحت «سلامة» في تصريح خاص لـ"البوابة "، أنها لم تتلقَ أي وعود بمناقشة التعديلات علي القانون، لكنها ستسعى لتقديمها مرة أخرى في دور الانعقاد الأخير للمجلس الحالي.
وأعربت عن أملها في مناقشة القانون في أسرع وقت، مشيرةً إلى أن القانون القديم لم يعد يتناسب مع التغيرات الحياتية الحالية التي طرأت علي المجتمع المصري خلال الفترة الأخيرة مما يؤثر على كيان الأسر وحقوق المرأة والطفل.
قانون الإدارة المحلية
حدد الدستور مدة خمس سنوات للعمل بنظام الإدارة المحلية الجديد، والتي انتهت في 18 يناير 2019. ورغم ذلك، لا يزال قانون الإدارة المحلية معلقًا، حيث شهدت اللجان البرلمانية خلافات واسعة وانقسامات بين الهيئات البرلمانية للأحزاب الممثلة في مجلس النواب.
تخللت المناقشات اعتراضات من عدد من الهيئات البرلمانية، حيث أعلن البعض رفض مشروع القانون مطالبين بإعادته للمناقشة مرة أخرى.
برلمان 2015
في برلمان 2015، قدم عدد من النواب، بينهم عبدالحميد كمال والدكتور محمد فؤاد وعبدالمنعم العليمي ومحمد الفيومي، مشروعات قوانين للإدارة المحلية، ورغم المناقشات التي استمرت قرابة خمس سنوات، إلا أن النتائج كانت غير مُرضية، حيث لم تُصدر القانون طيلة الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب.
كما قدمت الحكومة عام 2016 مشروع قانون للإدارة المحلية يتضمن نظام الانتخابات بالنظام المختلط، وتخصيص كوتة بالقوائم للشباب والنساء. كما نص المشروع على حق المحافظ في التصرف في أراضي الدولة بعد موافقة المجلس المحلي.
رغم هذه الجهود، لا تزال قضية قانون الإدارة المحلية بحاجة إلى المزيد من المناقشات والتوافقات السياسية لضمان تطبيقه بشكل فعّال.
ومن جهته، أشار البرلماني السابق عبدالحميد كمال، وأحد مقدمي مشروع قانون الإدارة المحلية، أن عدم صدور قانون الإدارة المحلية يعد انتهاكًا للدستور المصري.
وأوضح «كمال» في تصريح خاص لـ"البوابة "، أن مشروع القانون الذي تقدم به عدة مرات لم يُعتمد بسبب تعنت الحكومة، مما يجعل الدستور المصري به عوار دستوري.
وأكد البرلماني السابق، أن غياب القانون يعزز الفساد في المحليات، رغم وجود نحو 65 ألف شاب مؤهل للمشاركة في هذا القطاع.
برلمان 2020
وفي برلمان 2020، تقدم أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ورئيس حزب العدل النائب عبدالمنعم إمام، بمشروع قانون بشأن نظام الإدارة المحلية، يهدف إلى فصل مشروع انتخاب المجالس المحلية عن مشروع نظام الإدارة المحلية ووحداته.
وقال النائب عبدالمنعم أمام، مقدم مشروع قانون الإدارة المحلية، أنه سيسعي خلال دور الانعقاد الخامس من الفصل التشريعي الثاني للانتهاء من مناقشة المشروع داخل لجنة الإدارة المحلية لعرضه على الجلسة العامة.
وأكد "أمام" في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن فلسفة المشروع قائمة على عدة أسس أبرزها إعطاء صلاحيات أكبر للمحافظين في تعيين مرؤوسيهم، ومنح الوحدات المحلية الحق في تنمية مواردها والتصرف فيها، مع اعتماد موازنات مالية مستقلة لكل وحدة محلية حتى تمكنها من الاستقلال المالي.
وتابع: إن سبب عدم شعور المواطن بثمار التنمية هو غلاء الأسعار وفساد المحليات فلا يوجد إصلاح إداري بالمحليات مطالبا بضرورة إصدار قانون المحليات.
قانون العمل
سنوات طويلة والبرلمان يناقش قانون العمل لوضع ضوابط يحددها القانون تحفظ حقوق الطرفين، ويبحث العمال في مصر العاملين سواء في القطاع العام والخاص، عن آخر تطورات قانون العمل الجديد، باعتباره من أهم القوانين المنظمة للعلاقة بين العامل وصاحب العمل، ولكن يظل القانون "حيران" بين الحكومة والبرلمان.
ومن جهته، أعلن النائب عادل عبد الفضيل عياد، رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن اللجنة ستبدأ مناقشة مشروع قانون العمل الجديد خلال الأيام المقبلة، تمهيدًا لعرضه على المجلس.
وأكد رئيس لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أن إنجاز قانون العمل على رأس أولويات اللجنة، وهناك حرص على سرعة إنجازه تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وجه بسرعة إصدار قانون العمل.
وبعد عرض أبرز وأهم القوانين التي يحتاجها الشارع المصري يظل السؤال الأهم هل يستطيع المجلس لحالي الانتهاء من هذه القوانين قبل فض الانعقاد؟