كشف تقرير وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، الذي صدر خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024، تعافي صادرات الغاز المسال العالمية خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بالربع الثاني.
وفي هذا السياق، قال الباحث في وحدة الأبحاث الدكتور رجب عز الدين، إن الصادرات العالمية من الغاز المسال ارتفعت خلال الربع الثالث من 2024، لتصل إلى نحو 100 مليون طن، وهو ما يعدّ تعافيًا ملحوظًا.
وأوضح أن البيانات الأحدث التي نشرتها وحدة أبحاث الطاقة، رصدت هذا التعافي مقارنة بالربع الثاني من العام، الذي شهد تراجعًا في صادرات الغاز المسال العالمية، بسبب أعمال الصيانة الدورية، التي دائمًا ما تُجرى في فصل الربيع.
جاء ذلك خلال مشاركة عز الدين في حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، عبر مساحات منصة "إكس"، بعنوان "هل الغاز المسال وقود المستقبل؟ وكيف يمكن للأفراد الاستثمار فيه؟".
لماذا تعافت صادرات الغاز المسال العالمية؟
قال الباحث في وحدة أبحاث الطاقة الدكتور رجب عز الدين، إن فصل الربيع دائمًا ما يشهد أعمال الصيانة لمحطات الغاز المسال، لأنه يعدّ الفصل الأقل طلبًا على الغاز، لا سيما في نصف الكرة الأرضية الشمالي.
لذلك، وفق عز الدين، من المُلاحظ أن صادرات الغاز المسال العالمية دائمًا ما تنخفض في فصل الربيع إلى مستويات معروفة، وهو ما يعدّ انخفاضًا موسميًا يعرفه كل من يتابع الأوضاع في أسواق الغاز المسال العالمية.
وأوضح الباحث في وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، أنه في حالة تراجع صادرات الغاز المسال العالمية إلى مستويات أعلى من المتعارف عليها، يبدأ البحث عن الأسباب الأخرى، التي أدت إلى هذا الهبوط.
وأضاف: "بالنسبة للأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري 2024، أي الأرباع الـ3 الأولى التي انتهت من العام، ارتفعت صادرات الغاز المسال العالمية إلى نحو 307 ملايين طن، بزياده 1.5% على أساس سنوي".
وتابع: "بالنسبة إلى ترتيب الدول المصدرة للغاز المسال عالميًا، وفق التصنيف الذي وضعته وحدة أبحاث الطاقة، جاءت الولايات المتحدة وقطر وأستراليا وروسيا وماليزيا في الصدارة بصفتها أكبر 5 دولة مصدرة".
وأشار إلى احتفاظ الولايات المتحدة بالمركز الأول منذ عام 2023، وهو العام الذي حلّت فيه محلّ قطر في مقدمة الدول المصدذرة، إذ كانت الدوحة الأولى في 2022، لافتًا إلى أن أميركا تلقّت دعمًا بعودة محطة فريبورت، التي كانت معطّلة لمدة 9 أشهر، وهي محطة عملاقة للغاز المسال.
وأكد أن التوقعات تشير إلى أن أميركا ربما تظل متربعة على عرش صادرات الغاز المسال العالمية، حتى عام 2030 على الأقل، مع قدرات التوسع في مشروعات الإسالة الجديدة، إذ هناك محطات ستدخل في 2024، وأخرى ستدخل الخدمة في 2025 و2027.
وفيما يخص قطر، قال الباحث في وحدة أبحاث الطاقة، إن الدوحة تُجري توسعات في حقل الشمال لزيادة الإنتاج بنسبة 85%، لذلك من المتوقع أن تنافس الولايات المتحدة على المركز الأول خلال المرحلة المقبلة.
ولفت إلى أن قطر وروسيا تحتلّان في الوقت الحالي المركزين الثاني والثالث، متفوقتين على أستراليا، التي جاءت في المركز الرابع، بينما حدث تغيير في مراكز سلطنة عمان والجزائر، إذ تقدمت الأولى على الثانية.
صادرات الغاز المسال إلى أوروبا والعقوبات ضد روسيا
قال الباحث في وحدة أبحاث الطاقة، إن الولايات المتحدة صاحبة الكميات الأكبر من صادرات الغاز المسال إلى أوروبا منذ الحرب الروسية الأوكرانية، بينما جاءت قطر في المركز الثاني، وأستراليا في المركز الثالث.
وبالنسبة إلى صادرات الطاقة الروسية، وفق عز الدين، في ظل العقوبات الحالية، دائمًا ما تكون البيانات الروسية مثيرة للانتباه بالنسبة للمحللين، إذ إن موسكو تكاد تكون صادراتها منذ مطلع 2024 مرتفعة، لا سيما إلى أوروبا.
وأضاف الدكتور رجب عز الدين، أنه حتى الدول التي تصدّر الغاز إلى أوروبا تكاد صادراتها أن تكون قد انخفضت خلال الربع الثالث، ما عدا روسيا، التي ما تزال صادرات الغاز المسال منها باتجاه القارة العجوز مرتفعة.
وتابع: "هنا، يخطر على بال الكثيرين سؤال حول عقوبات الاتحاد الأوروبي على صادرات الغاز الروسية، إذ يتضح أن أوروبا لم تفرض عقوبات عليها، سواء عبر الأنابيب أو الناقلات، فالصادرات عبر خط نورد ستريم 1 هي التي توقفت بسبب تفجير غامض في نهاية سبتمبر/أيلول 2022".
أمّا صادرات الغاز المسال الروسية إلى أوروبا، فما تزال حرة، ولم يُفرَض حظر عليها، وإن كانت تواجه قيودًا، لكن هذه القيود لم تصل بعد إلى حدّ الحظر، وهناك خلافات كبيرة جدًا بين دول الاتحاد الأوروبي حول فكرة حظر واردات الغاز الأوروبية، لأنهم يحتاجون إلى الغاز المسال.
ولفت إلى أن هذا الأمر يبيّن أن العقوبات الأوروبية ضد صادرات الغاز المسال الروسية ليست جادّة، وهو ما كان الدكتور أنس الحجي يؤكده منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية خلال مساحات "أنسيات الطاقة"، إذ دائمًا ما كان يصفها بأنها "ضحك على اللحى".
وأشار رجب عز الدين إلى أن وحدة أبحاث الطاقة كانت قد رصدت أن صادرات الغاز المسال الروسية إلى أوروبا كانت قد سجلت 16.3 مليون طن خلال العام الجاري 2024 حتى الآن، وهو ما يمثّل 51% من إجمالي صادرات روسيا من الغاز المسال.
وأردف: "الاتحاد الأوروبي يستورد الغاز الروسي عبر الأنابيب -أيضًا-، وهو ما يوضح أنّ تصوُّر الكثيرين بأن خطوط الأنابيب الروسية هي "نورد ستريم" فقط هو تصور خاطئ، فموسكو لديها خطوط أنابيب أخرى، استورد عبرها الاتحاد الأوروبي خلال 2023 نحو 72 مليار متر مكعب من الغاز الروسي".
صادرات الغاز المسال الأفريقية
قال الدكتور رجب عز الدين، إن بيانات أكبر مصدري الغاز المسال في أفريقيا، التي أعدّتها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، ونشرتها منصة الطاقة المتخصصة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024، كشفت بدورها حدوث تغيرات كبيرة في الأسواق.
وأوضح أن التصنيف الأفريقي للدول المصدرة للغاز، ضمّ نيجيريا والجزائر وأنغولا وموزمبيق وغينيا الاستوائية والكاميرون والكونغو، بينما غادرت مصر القائمة بعد أزمة الغاز والكهرباء التي واجهتها في النصف الثاني من 2023، لتتحول إلى دولة مستوردة.
وفي الوقت الحالي، بحسب الباحث في وحدة أبحاث الطاقة، فإنه لا توجد في قائمة أكبر الدول المصدّرة للغاز المسال في أفريقيا سوى دولة عربية واحدة، وهي الجزائر، التي تحتلّ المركز الثاني في التصنيف الدولي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..