موسوعة سابقةٌ باللغة الإنجليزية حول “الفكر المغربي المعاصر” في الفلسفة، والفكر الديني، والمجتمع، والثقافة، صدرت عن دار بريل للنشر، العريقة في السياق الأكاديمي الأوروبي، وقدّمت أمس الجمعة بجامعة روما تور فيرغاتا الإيطالية.
وصدر هذا العمل الذي كان مُرتقبا، بمقاربة متعددة التخصصات والاهتمامات، بإشراف الأستاذ الجامعي محمد حصحاص، واهتم بأسماء من قبيل محمد عزيز الحبابي، عبد الله العروي، محمد عابد الجابري، علي أومليل، طه عبد الرحمان، عبد الكبير الخطيبي، عبد السلام بن عبد العالي، علال الفاسي، محمد حسن الوزاني، عبد السلام ياسين، فريد الأنصاري، أحمد الريسوني، أحمد الخمليشي، فاطمة المرنيسي، أسماء المرابط، المهدي المنجرة، عبد الله حمودي، محمد بنيس، عبد الفتاح كيليطو، وعبد اللطيف اللعبي، على سبيل المثال لا الحصر.
المرجع الجديد، وفق فهرسه، يسلط الضوء أيضا على ابن رشد وابن خلدون من خلال الاهتمام بهما في الفكر المغربي المعاصر، وينقاش “النوع” في المغرب المعاصر، وتصور الطريقة القادرية البودشيشية للسياسة بين الأمس واليوم، والدراسات السوسيولوجية بالمغرب، واليساريين المغاربة اليهود والصراع من أجل الديمقراطية، والمجلّات الثقافية خلال “سنوات الرصاص”، وإصلاح الحداثة في الفكر الفلسفي المغربي المعاصر.
ويتتبع هذا المرجع، الذي شارك في إعداده أكاديميون من العديد من أنحاء العالم، من بينهم مغاربة، الديناميات الثقافية والأكاديمية بالمغرب منذ خمسينيات القرن العشرين، عبر المشاريع الفلسفية والفكر الفلسفي، والمشاريع الدينية والفكر الديني والتصوف، ومشاريع العلوم الإنسانية والدراسات الثقافية.
وفي تقديمه المَوسومِ بالكتابة بوصفها عرفانا ثقافيا نقديّا فسّر محمد حصحاص عدم تقديم مؤلف جماعي حول الجابري بالإنجليزية إلى حدود سنة 2018، رغم أهميته بالنسبة لأي دارس أكاديمي للدراسات العربية والإسلامية، وهو ما ينطبق بشكل شبه عام على معظم من تناولهم هذا المرجع الجديد، مع استثناءات قليلة صدرت في العقد الأخير حول فاطمة المرنيسي، وطه عبد الرحمان، وعبد الكبير الخطيبي.
وهذه الملاحظة يمكن أن يجدها الملاحظ أيضا، وفق المصدر نفسه، حول الفكر الجزائري، والفكر التونسي، والفكر المصري، والفكر السوري، والفكر الفلسطيني، وما إلى ذلك من جغرافيات فكرية بالمنطقة المتحدثة باللغة العربية.
ويفسّر حصحاص هذا الواقع الذي يجعل هذه الأفكار لا تقدّم باللغة العالمية قائلا: “أولا، المفكرون العرب يكتبون باللغة العربية، والأكاديميون العرب الذين يكتبون حولهم غالبا ما يكتبون بالعربية، ولا يرون أن دورهم هو الكتابة بلغات أخرى، باستثناء إذا انتموا إلى أقسام أو شاركوا في أعمال جماعية أجنبية تستعمل لغات أجنبية”.
ثانيا، يردف منسق العمل: “المغاربُ فرانكفونيةٌ، والمشرق أنجلفونيّ غالبا”، وهو ما يؤثّر على المشترك “عندما يتعلق الأمر باستعمال اللغة الأجنبية الثانية بعد العربية، بفعل الإرث الكولونيالي اللساني الحديث؛ ما أعاق ولادة أعمال جماعية بالإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية. مع أن هذا يتغير حاليا، لأن أجيالَ أكاديمية جديدة بالمغاربِ تستعمل الإنجليزية أكثر فأكثر”.
ووفق محمد حصحاص فإن هذا العمل الجديد “يراجع الفكر المغربي المعاصر” عبر “استطلاع متعدد التخصصات، يتتبع النقاش الغني في الفلسفة، والفكر الديني والمجتمعي والسياسي والثقافي”. ومن بين ما يدافع عنه هذا المرجع الصادر عن “دار بريل” فهم هذا التقليد الفكري المغربي في سياقه الوطني، مع دعوة إلى العمل المقارن بين هذه الرؤى، والمشاريع، والأفكار متعددة المشارب والتوجهات، والقراءات، والآثار.