يعيش الاقتصاد الروسي في خضم أزمة متفاقمة مع استمرار عملته الروبل في الانخفاض إلى مستويات منخفضة قياسية، مما دفع البنك المركزي في البلاد إلى اتخاذ سلسلة من التدابير الطارئة.
ومع استمرار معدلات التضخم في الارتفاع بشكل عنيد وفرض العقوبات بشكل أعمق على الاقتصاد، تواجه روسيا تحديات متزايدة في استقرار أسواقها المالية والحد من أسعار المستهلك الجامحة.
أعلن بنك روسيا الأسبوع الماضي أنه سيعلق جميع عمليات شراء العملات الأجنبية لبقية العام وبدأ في بيع اليوان الصيني لدعم الروبل المحاصر وجاء هذا التدخل مع انخفاض الروبل إلى ما دون 114 مقابل الدولار، وهو مستوى لم نشهده منذ الأيام الأولى لغزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022.
وقال البنك المركزي في بيان: "يهدف هذا القرار إلى الحد من التقلبات في الأسواق المالية"، معترفًا بالمخاوف المتزايدة من أن انهيار العملة قد يؤدي إلى تفاقم التضخم وتآكل مستويات المعيشة.
ومع ذلك، قد يوفر هذا الإجراء راحة مؤقتة فقط ويحذر المحللون من أن هذه الخطوات من غير المرجح أن تؤدي إلى انتعاش كبير في الروبل، نظرا للضعف البنيوي المستمر في الاقتصاد الروسي وتأثير العقوبات الغربية الشاملة.
أسعار الفائدة والعقوبات القياسية
تظهر الأرقام الرسمية أن معدل التضخم في روسيا بلغ ذروته عند أكثر من 9٪ في أغسطس ويظل مرتفعا، لكن الخبراء يحذرون من أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى بكثير، موضحين أن البيانات الرسمية تقلل من مدى ارتفاع الأسعار وتضاعفت أسعار السلع الأساسية مثل البطاطس منذ أواخر عام 2023، في حين أصبحت السلع الأساسية الأخرى مثل الزبدة باهظة الثمن الآن لدرجة أن المتاجر لجأت إلى قفلها لمنع السرقة.
ووصفت محافظ البنك المركزي إلفيرا نابيولينا الوضع بأنه غير مسبوق، مشيرة إلى أن معدل البطالة في روسيا وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 2.4٪، وأن مرافق الإنتاج تعمل بكامل طاقتها ولكن سوق العمل الضيقة ودفعت الأجور إلى الارتفاع، وبالتالي أسعار المستهلك.
وقالت نابيولينا للمشرعين: "كل شيء تقريبا أصبح أكثر تكلفة: المواد الخام، والمكونات، والخدمات اللوجستية، والمعدات، والعمالة".
واستجابة للتضخم المتصاعد، رفع بنك روسيا سعر الفائدة الرئيسي إلى 21٪ في أكتوبر - وهو أعلى مستوى منذ عام 2003، وعلى الرغم من هذا، فإن التدابير لم تنجح في تهدئة الضغوط التضخمية وتتزايد الدعوات بين الخبراء الماليين، مثل أولئك في بنك روسيا المركزي، للنظر في زيادات أكثر حدة في أسعار الفائدة، ربما تصل إلى 30٪ أو أكثر.
وانتقد رجال أعمال السياسة الحالية، بحجة أن مثل هذه التكاليف المرتفعة للاقتراض تخنق الشركات بالفعل دون معالجة التضخم بشكل فعال.
وقالوا: "هذا وضع غير مسبوق على الأرجح في تاريخ العالم الحديث، عندما يكون سعر البنك المركزي أعلى بمقدار 2.5 مرة من التضخم ولا يزال لا يتباطأ".
وتظل العقوبات الغربية محركا رئيسيا لعدم الاستقرار الاقتصادي في روسيا وإن أحدث التدابير الأمريكية تستهدف 50 بنكاً روسيا إضافياً، بما في ذلك بنك جازبروم، وهو لاعب رئيسي في تسهيل صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
وأدت هذه العقوبات إلى تقليص قدرة روسيا على الوصول إلى الدولار الأمريكي، مما أدى إلى تعقيد التجارة الدولية وتفاقم نقص العملات الأجنبية.
وتمتد آثار العقوبات عبر الاقتصاد، فتمنع الاستثمار الأجنبي وتحد من القدرة على الوصول إلى الواردات الحيوية كما يعاني المصدرون الروس من اضطرابات في الدفع، مما يثنيهم عن إعادة أرباحهم بالعملة الأجنبية إلى الوطن ــ وهي الديناميكية التي تضعف الروبل أكثر.
وتأتي الأزمة الاقتصادية في خضم تصاعد التوترات على الجبهة الجيوسياسية وقد أثار الاختبار الروسي الأخير لصاروخ "أوريشنيك"، وهو صاروخ تجريبي قادر على حمل رؤوس نووية متعددة، مخاوف من تصعيد آخر في الصراع في أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، أشارت إدارة ترامب القادمة في الولايات المتحدة إلى موقف أكثر عدوانية محتمل بشأن الحرب، حيث دعم المبعوث المعين حديثاً كيث كيلوج استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى ضد الأهداف الروسية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.