في أحدث تقاريرها السنوية عن دينامية المديونية العمومية في المغرب كشفت وزارة الاقتصاد والمالية، من خلال “الأرقام والبيانات الأساسية” المحيَّنة والمتضمنة في تقرير مرفق بمشروع مالية 2025، المعروض حالياً على مسار المناقشة البرلمانية، أن حجم “الديون الموطّدة للإدارات العمومية” انتقل من 880,5 إلى 964 مليار درهم بين سنتيْ 2022 و2023.
وحسب المعطيات الرسمية ذاتها، التي طالعتها هسبريس في ثنايا التقرير الصادر حديثاً، فإن “هذه الفئة من الديون كانت تشكل 66,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي قبل أن تنخفض إلى 65,9 في المائة وفق آخر البيانات المتوفرة عن سنة 2023”.
بنية ديْن الخزينة
بتحليل واستقراء هيكل دين الخزينة يُشير تطور حجم الدين بالمغرب إلى أنه إلى متم سنة 2023 بلغ حجم دين الخزينة 1016,7 مليار درهم، “مسجلا ارتفاعا قدره 64,9 مليار درهم أو نسبة 6,8% مقارنة بنهاية سنة 2022 (951,8 مليار درهم) مقابل ارتفاع قدره 7,5% سجل ما بين سنة 2021 وسنة 2022”.
وحسب “مَصدر الدين” أبان تطور بنية دين الخزينة “ارتفاعاً في حصة الدين الخارجي التي بلغت 24,99% نهاية سنة 2023 مقابل 24,0% نهاية سنة 2022، في حين تراجعت حصة الدين الداخلي بمقدار 0,9 نقطة لتستقرّ في حدود 75,1%، وهو ما يتماشى مع البنية المستهدَفة للمحفظة المرجعية لدين الخزينة ( %70-80 دين داخلي و20-30% دين خارجي)”.
تبعًا لذلك ارتفع “حجم الدين الداخلي” إلى 763,1 مليار درهم متم سنة 2023 بمقدار أو حجم 40 مليار درهم أو ما يمثل 5,6% مقارنة مع سنة 2022. بينما بلغ “حجم الدين الخارجي” 253,6 مليار درهم، مسجلا بذلك ارتفاعا قدره 24,7 مليار درهم أو نسبة 10,8% مقارنة مع السنة الماضية.
انخفاض إلى 69,5%
بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي فقد عرف حجم دين الخزينة انخفاضا قدره 2,0 نقطة مئوية، ليستقر في حدود 69,5% مقابل 71,5% نهاية سنة 2022، وذلك بعد تسجيل ارتفاع مماثل خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2021 و2022.
وحسب نوع الدين بلغ هذا المؤشر 52,2% من الناتج الداخلي الإجمالي بالنسبة للدين الداخلي، و17,3% بالنسبة للدين الخارجي، مقابل 54,3 و 17,2% متم 2022، على التوالي.
“الدين الخارجي العمومي”
أوضحت وزارة المالية، في التقرير ذاته، أن “الدين الخارجي العمومي يتكون من (1) الدين الخارجي للخزينة و(2) الدين الخارجي المضمون وغير المضمون للمؤسسات والمقاولات العمومية وللجماعات الترابية وللمؤسسات المالية العمومية، وكذا (3) الدين الخارجي المضمون من طرف الدولة للمؤسسات ذات المنفعة العمومية”.
وبالأرقام، ارتفع حجم هذا الدين بـ15,1 مليار درهم أو 3,6% متم سنة 2023، ليصل إلى 438,8 مليار درهم، في وقت بلغ مؤشر الدين الخارجي العمومي بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي 30%، مسجلا بذلك انخفاضا قدرُه 1,8 نقطة مئوية للناتج الداخلي الإجمالي مقارنة بسنة 2022.
التطور المُسجَّل في الدين الخارجي العمومي يرجع، أساسًا، حسب المعطيات الرسمية ذاتها، إلى “ارتفاع حجم الدين الخارجي للخزينة بحوالي 10,8%، وانخفاض حجم الدين الخارجي لباقي المُقترضين العموميين بحوالي 50%”.
تأكيد التصنيف الائتماني ونجاح الإصدارات
بعد استعراضه السياق الدولي لكل من الأسواق المالية وأسواق السندات وتحليل تطور هوامش المخاطر، أكد التقرير السنوي حول المديونية بالمغرب، في ثناياه، إشارة دالّة إلى أن سنة 2023 عرفت تأكيد المغرب تصنيفه الائتماني من طرف الوكالات العالمية المتخصصة، مع “نظرة مستقبلية مستقرة رغم السياق الصعب الذي اتسم باستمرار الجفاف والزلزال الذي عرفته منطقة الحوز، ما يعكس قدرة البلاد على الصمود في مواجهة الصدمات المتتالية”.
كما استحضرت الوزارة الوصية على الشؤون الاقتصادية “الإصدار الناجح للسندات المغربية في السوق المالية الدولية”، مذكّرة بأن “المملكة نجحت في إصدار سندات في السوق المالية الدولية في بداية سنة 2023، بقيمة إجمالية تعادل 2,5 مليار دولار مقسمة إلى شريحتيْن؛ بمبلغ 1,25 مليار لكل منهما، رغم الظرفية الصعبة المتسمة باستمرار التوترات الجيوسياسية والضغوط التضخمية”.
وتتمثل الأهداف الأساسية المتوخاة من إستراتيجية تدبير دين الخزينة في ضمان تمويل مستقر ودائم للدولة من شأنه تغطية جميع احتياجاتها المالية، مع التخفيف على المدييْن المتوسط والبعيد من تكلفة الدين، والحدّ من المخاطر المالية المرتبطة به، إضافة إلى المساهمة في تطوير سوق سندات الخزينة.
وفقاً للتقرير الرسمي عينه “يَشهد نجاح هذا الإصدار على ثقة المستثمرين المؤسساتيين في جودة ائتمان المغرب، وهي الثقة التي أظهرها أكثر من 80 مستثمراً (…) كما أدى هذا الإقبال الإيجابي لدى المستثمرين المؤسساتيين (مدبرو الأصول وشركات التأمين وصناديق التقاعد) إلى تنويع واسع النطاق من حيث التوزيع الجغرافي للسندات في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط”.