المسافة بين منزلى والمتحف المصري الكبيرلا تزيد على واحد كيلو متر تقريبا. وفى طريق ذهابي وعودتي أمرّ عليه يوميا. وعلى مدى أكثر من عشر سنوات ومنذ بدأ العمل به أتابع بشغف كل مراحل الإنشاء خطوة بخطوة، كما أتابع كل الأخبار المنشورة عن هذا الصرح الكبير، وأترجمها الى مشاهدة يومية على أرض الواقع. لم تتح لى زيارة المتحف خلال كل تلك السنوات التى شهدت مراحل الإنشاء، ولاحتى أثناء الحفلات والفعاليات التى أقيمت مؤخرا، غير أنه وبمجرد الإعلان عن الافتتاح التجريبي للمتحف وبعد ثلاثة أيام فقط قمت بزيارته، بعد أن تولت ابنتي مهمة حجز التذاكر "أونلاين".
التصميم والشكل الخارجي للمتحف المصري الكبيرأثناء المرور أمامه، يعكس تفاصيل كثيرة وجهدا كبيرا للخروج بهذا الشكل المتميز الذى صممته شركة أيرلندية، على شكل مثلثات كل منها ينقسم إلى مثلثات أصغر في إطار رمزي للأهرامات، وذلك طبقا لنظرية رياضية لعالم بولندي تتحدث عن التقسيم اللانهائي لشكل المثلث.
عند الوقوف أمام المتحف المصري الكبير من الفناء الخارجي يمكنك رؤية الأهرامات بكل سهولة فهو لا يحجب الرؤية، والمبني مصمم بحيث إذا تم النظر إليه من الأعلى ومن الطائرة ستراه كأنه "الهرم الرابع"، وأول ضلع على استقامته سيصل للهرم الأكبر، ومنتصف المبنى على استقامته يصل للهرم الأوسط، أما الضلع الآخر فيصل للهرم الأصغرو تبلغ مساحته الاجمالية أكثر من 300 ألف متر.
بعد العبور من الفناء الخارجي وبوابات الدخول المميكنة، التى تغنيك عن الوقوف على شباك التذاكر إذا ماقمت بالحجز عبر الموقع على الإنترنت، فإنك تدلف الى ساحة خارجية شاسعة المساحة تتوسطها المسلة، أما إذا اقتربت من الجدار الخارجي للمبني فإنك تجد الجدار الزجاجي يغلف قطعا من الرخام متنوعة الأشكال فى كل المثلثات التى تشكل كامل الجدار الخارجي.
أعداد كبيرة من السياح والوفود وكذلك الزوار من العائلات المصرية، تجمعت عند بوابة الدخول الرئيسية التى تدخل منها مباشرة وبكل يسر الى ساحة البهو الرئيسي التى يتوسطها تمثال رمسيس. على الجانب الأيمن اصطف عدد من المحال التجارية لبيع التذكارات الى جانب بعض المطاعم التى تقدم أكلات مصرية، وفى هذا البهو تجمع الزوار أمام شاشة مخصصة لالتقاط صور تذكارية، والتى يتم ارسالها على البريد الاليكتروني الشخصي للزائر عقب انتهاء الجولة.
قالت المرشدة السياحية عبر السماعات التى يتم استئجارها لسماع الشرح: إن البهو الرئيسي قام أساتذة من كليات الهندسة بتصميم فتحات الاضاة فيه، بحيث تتعامد أشعة الشمس على رأس تمثال الملك رمسيس الثاني الذى يقع فى المنتصف، وعلى يسار البهو تجد الدرج العظيم، الذى صمم ليحكى لك خلال صعودك للقاعات تاريخ الحضارة المصرية القديمة من خلال عدد من القطع الأثرية الثقيلة الكبيرة التي اختيرت بدقة شديدة. ومايثير الدهشة هو تلك القطع الاثرية التى تجاوز وزنها الاطنان وكيفية نقلها وعرضها بهذا الشكل البديع.
الدرج العظيم يتضمن عرضا للقطع الأثرية وتاريخ الأسرات وإذا صعدت عبره أو عبر السلم الكهربائي تصل الى قاعات العرض الرئيسية الـ12، والتى تحتوي على قطع أثرية تبلغ 24 ألف قطعة، كلها وضعت بعناية وبأسلوب عرض متحفي مبهر. وأكثر ما شد انتباهي هو مجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو باني الهرم الأكبر، فهي تضم السرير ذا الاعمدة والكرسي الخاص بها وصناديق ستائر السريروكلها من الخشب المطلى بالذهب، وهو مايذكرنا بأثاث البيوت المصرية.
كانت جولة رائعة داخل صرح يستحق الإشادة والفخر..