نظمت مؤسسة الفقيه التطواني، بشراكة مع وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، السبت الماضي بمدينة سلا، ندوة وطنية تحت عنوان “المرأة والحق النقابي.. التحديات والفرص”، بمشاركة نخبة من الفاعلات السياسيات والنقابيات والأكاديميات إلى جانب خبراء، لمناقشة التحديات التي تواجه النساء في العمل النقابي وسبل تمكينهن من حقوقهن السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأجمع المشاركون في الندوة على أهمية الأدوار التي تضطلع بها المرأة في مجالات متعددة، مع الإشارة إلى المفارقة الكبيرة بين هذه الأدوار وبين ضعف تمثيليتها في مراكز صنع القرار والأجهزة التسييرية للنقابات والأحزاب. وأكدوا أن التمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة ينبغي أن يمر عبر التشريع والقانون، بالتوازي مع تعزيز الأدوار المدنية والثقافية، في ظل استمرار تحديات العقلية الذكورية في المجتمع ومجال العمل السياسي والنقابي.
خديجة الزومي، البرلمانية والقيادية داخل الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (UGTM) ورئيسة منظمة المرأة الاستقلالية، شددت على ضرورة ربط تمثيلية النساء في الأجهزة المسيرة للكفاءات والاستحقاق، كما استعرضت نماذج من المعاناة التي عاشتها النساء في الميدان النقابي والسياسي بسبب الإقصاء والنظرة الدونية، داعية إلى تفعيل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تعزز حقوق المرأة.
من جهتها، قدمت خديجة الكور، رئيسة منظمة النساء الحركيات والنائبة الأولى للأمين العام لنقابة اتحاد عمال المغرب، عرضاً حول تاريخ الحركة النقابية بالمغرب والدور المحوري الذي لعبته النساء في تحقيق مكتسبات شغلية، مشيرة إلى أهمية تجديد أدوات الممارسة النقابية والانفتاح أكثر على الشباب لمواكبة التغيرات التي يعرفها المشهد النقابي.
قلوب فيطح، البرلمانية ورئيسة منظمة نساء الأصالة والمعاصرة، تطرقت إلى التشريعات التي عززت مكانة المرأة بفضل دعم ملكي واضح؛ مثل دستور 2011 ومدونة الأسرة، وطالبت بالمزيد من الجهود لتعزيز تمثيلية النساء في الأجهزة القيادية وربط الدعم العمومي الموجه للأحزاب والنقابات بشرط تحقيق المناصفة.
خديجة الرباحي، عضوة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، دعت إلى طرح التقرير الوطني الموجه للأمم المتحدة حول مشاركة النساء للنقاش البرلماني، مع ضرورة إنشاء آلية لمراقبة تنفيذ القرار الأممي 13-25 الخاص بمشاركة المرأة في السلام والأمن. كما طالبت بتوفير بيئة قانونية ضامنة للمساواة الفعلية واعتماد قاعدة بيانات دقيقة حول وضعية النساء في العمل النقابي.
أما الأستاذ عبد الرحيم الرماح، رئيس المنتدى المغربي للتنمية الاجتماعية، فقد أكد أن العمل النقابي الجاد يجب أن يرتكز على مبدأ المساواة والإنصاف بين الجنسين، مشيراً إلى المكاسب التي حققتها مدونة الشغل للمرأة من خلال موادها التي تضمن حقوقها. كما اقترح إنشاء لجنة موضوعاتية ضمن الحوار الاجتماعي تُعنى بمناقشة قضايا المرأة العاملة وتوحيد الأجور بين الجنسين وتحسين أوضاع الفئات الهشة مثل العاملات في الإنعاش الوطني وعاملات النظافة.
وخلصت الندوة إلى توصيات شملت محاور أساسية عديدة؛ من أبرزها الدعوة إلى استعادة الحركة النقابية للمبادرة في المجتمع، عبر لعب أدوار الوساطة وتقوية استقلالية القرار ونجاعة الدفاع عن الحقوق الأساسية في العمل.
وتضمنت التوصيات مراجعة التشريعات المؤطرة للعمل النقابي في إطار قانون شامل وضامن للمناصفة، والرفع من برامج التمكين النقابي للنساء وتقوية برامج الشراكة النقابية المدنية بهدف صنع قيادات نسائية نقابية قادرة على مواجهة التحديات.
كما شددت توصيات اللقاء العلمي على أهمية تقييم الحصيلة العمومية لمختلف البرامج والسياسات ذات الصلة بالنوع الاجتماعي وتثمين المنجزات مع تحسين البرامج التي تعاني من قصور.
ومن بين النقاط التي تم التركيز عليها، أيضا، الدعوة إلى الرفع من منسوب الوعي المجتمعي بأدوار الحركة النقابية وأهمية المشاركة النسائية، وإحداث لجنة موضوعاتية في مؤسسة الحوار الاجتماعي تُعنى بإيجاد حلول لتعزيز المشاركة النسائية والتمكين النقابي والمجتمعي للنساء.
كما تم اقتراح إنشاء قاعدة بيانات نقابية حول المشاركة الاقتصادية للنساء وموقعهن في النقابات، إضافة إلى محاربة كل أشكال الهشاشة في العمل بالإدارات العمومية والقطاع الخاص من أجل إقرار العمل اللائق، قبل أن يجمع المشاركون على أن تحقيق المساواة الفعلية يتطلب جهودا متضافرة من كافة الفاعلين؛ بما في ذلك المجتمع المدني والنقابات والمؤسسات التشريعية.