تسعى الدولة المصرية بشكل مستمر نحو تحقيق أهداف استراتيجية تتعلق بتعزيز الإنتاج المحلي وتوطين صناعة الأدوية،يدخل هذا التوجه في سياق رؤية شاملة تهدف لتعزيز مكانة مصر كداعم رئيسي في السوق الإقليمي والدولي،وقد جاءت هذه المبادرات استجابة لتوجيهات القيادة السياسية من أجل تعزيز الأمن الدوائي والاستقلالية في تلبية احتياجات السوق المحلي من الأدوية،ومن خلال تحسين الإنتاج واستخدام المواد الخام محليًا، تأمل الدولة في تقليل الاعتماد على الاستيراد مع ما يجلبه ذلك من فوائد اقتصادية،
توطين الصناعات الدوائية
أكد الدكتور علي عوف، عضو الاتحاد العام للغرف التجارية، على أن خطة الدولة تهدف إلى توطين نحو 280 مادة غير فعالة تدخل في تصنيع الأدوية،يُعتبر هذا الرقم مؤشراً قوياً على التقليص من فاتورة الاستيراد، إذ يمثل أكثر من 660% من إجمالي المستوردات المتعلقة بالمواد الخام غير الفعالة،يُضيف ذلك أن هذا التحرك لن يُساهم في دعم الاقتصاد الوطني فحسب، بل سيعزز أيضاً الاكتفاء الذاتي في صناعة الأدوية،وبالتالي، فإن تقليل التكلفة الإجمالية للمواد الخام سيساعد في خفض أسعار الأدوية، ما يعود بالنفع على المواطن المصري،
ريادة إقليمية لصناعة الدواء المصرية
تُعتبر صناعة الأدوية في مصر الأضخم في المنطقة، حيث تغطي نحو 30% من أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،هذه المكانة تتيح لمصر أن تكون قاعدة تصنيع بارزة، مما يسهم في دعم جهود الدولة ل صادرات الأدوية في الأسواق العالمية،وفقًا للدكتور عوف، يتألف القطاع من العديد من الشركات الخاصة التي تمثل 94% من إجمالي الشركات في هذا المجال،تنتمي هذه الشركات إلى كيانات محلية وأخرى متعددة الجنسيات، مما يعزز الإنتاج ويؤمن تلبية الطلب المحلي والدولي على الأدوية.
الإقبال على الدواء المحلي
مع التغيرات الجيوسياسية العالمية وتأثير جائحة كورونا، شهدت السوق المصرية ملحوظة في الإقبال على الأدوية المحلية،يوضح الدكتور عوف أن جودة الأدوية المحلية وأسعارها التنافسية جعلتها خيارًا مفضلًا للمستهلكين مقارنة بالأدوية الأجنبية،وتُعتبر السوق الدوائية المصرية من أكبر الأسواق في المنطقة، بحجم يقترب من 6.1 مليارات دولار سنويًا،تُنتج شركات القطاع الخاص حوالي 90% من الأدوية المسجلة في السوق، مما يعكس تنوع وكفاءة الإنتاج المحلي وقدرته على تلبية الاحتياجات المتزايدة للسوق.
تعزيز صادرات الدواء
تُقدر صادرات الأدوية المصرية بنحو مليار دولار سنويًا، مع وجود إمكانية ل هذا الرقم إلى 1.3 مليار دولار عن طريق تسجيل الأدوية في الأسواق الدولية،يُشير الدكتور عوف إلى أن التوسع في عملية تسجيل الأدوية بالخارج سيساهم في تعزيز حضور الصناعة المصرية عالميًا بالإضافة إلى العائدات التصديرية،من خلال التحسين المستمر والتوسع في النمو والإنتاجية، تتطلع مصر لتحقيق أهدافها في تصدير الأدوية وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية في هذا المجال،
ختامًا، تُعتبر الخطوات التي تتخذها الدولة المصرية في مجال صناعة الأدوية بمثابة استثمار كبير في مستقبل القطاع الصحي،إن التوجه نحو توطين الصناعة وتعزيز القدرة التنافسية يشير إلى إمكانيات هائلة في تعزيز الأمن الدوائي التقني والاقتصادي،من خلال هذه المبادرات، تأمل مصر في تحقيق النمو المستدام في قطاعها الدوائي و صادراتها إلى الأسواق العالمية، مما يُعتبر خطوة إيجابية نحو التأثير الإقليمي والدولي،