لم يَمنع هطول القطرات المطرية التي أنعشت اليوم الأحد أجواءَ العاصمة الرباط من التئام أعضاء نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب في “وقفة احتجاجية مركزية” أمام مقر البرلمان ضد ما وصفته الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية بـ”اختلالات السياسات الاجتماعية للحكومة وارتفاع الأسعار بما يضرب القدرة الشرائية للشغيلة وعموم المواطنين”.
ورفعت الوقفة، التي عاينتها جريدة هسبريس الإلكترونية، شعارات قوية مُطالبة بتدخل فوري لوضع حد لمسار تدهور القدرة الشرائية للمغاربة، كان أبرزها: “كيف تعيشْ يا مسكين.. والمعيشة دارت جْنْحِيـن”، و”يا مسؤول دِيرْ الحَل… راه الاحتجاج غايشْعل”، فضلا عن شعارات ولافتات مساندة لنضال تحرر القضية الفلسطينية و”طوفان الأقصى”.
وكانت “نقابة البيجيدي” قد دشنَت مسار الاحتجاج بوقفات احتجاجية سابقة على المستوى المجالي قبل الوقفة التي جاءت “تنزيلًا للبرنامج النضالي المعلن من طرف المكتب الوطني لـUNTM احتجاجا على السياسات الاجتماعية المرتبكة للحكومة، وأمام استفحال وتيرة ارتفاع الأسعار وغلاء كافة المواد الأساسية التي تشكل المعيش اليومي للمغاربة من محروقات ومن قطانٍ ولحوم وزيوت وخضر وفواكه وغيرها، وانعكاس ذلك على تماسك القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمتقاعدين وعموم المواطنين”، وفق ما أبرزه محمد زويتن، الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في تصريح لجريدة هسبريس على هامش الوقفة.
وتابع زويتن شارحا بأن هذه الوضعية أدت إلى “احتقان الوضع الاجتماعي وتنامي مؤشر الأزمة وضعف الثقة من الأسر كما الشباب؛ وهو ما يؤكده الواقع الاجتماعي المتأزم الذي يعانيه المواطنون عامة، والشغيلة المغربية خاصة، وفي مقدمتهم الفئات من ذوي الدخل المحدود”، محذراً من تداعيات الوضع الاجتماعي على تنامي محاولات الهجرة الشبابية إلى الضفة الأوروبية شتنبر الماضي.
وشدد القيادي النقابي ذاته أن “تنظيم هذه الوقفة الاحتجاجية المركزية أمام البرلمان أمْلَاهُ سياق اجتماعي واقتصادي؛ مؤشراته مقلقة وخطيرة بالمغرب على صعيد جميع مستويات العيش اللائق والكريم”، وفق تعبيره.
“اليوم الحكومة تناقش في البرلمان مضامين مشروع قانون المالية 2025 الذي خَلَا من دعم القدرة الشرائية للمواطنين من غير بعض إجراءات المتعلقة بتخفيض في الضريبة على الدخل بالنسبة للأجراء والموظفين ولكن هذا يبقى غير كافٍ”، سجل أمين عام “نقابة البيجيدي”، الذي طالب بـ”إجراءات استعجالية لتسقيف أسعار بعض المواد الأساسية والمحروقات” مع “تعميم الزيادات في الأجور لتشمل فئات قطاعية أخرى، فضلا عن تحسين المعاشات بالنسبة للمتقاعدين”.
من جهتها، انتقدت خديجة هدّي، عضوة المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، “إجراءات الحكومة رغم إقرارها لإجراءات الدعم الاجتماعي المباشر للأسر المستحقة”، معتبرة في تصريح لهسبريس أن “مبلغ 500 درهم شهرياً لا يكفي حتى شخصاً أعزب، فما بالك بأسر مُعوزة تعُول شبابا وأطفالا… لذلك ندعو إلى اتخاذ إجراءات معقولة ومقبولة؛ ‘ما يْمكنش نغطيو الشمس بالغربال’ أمام تغول الحكومة في تفقير طبقات الشغيلة المغربية”، حسب وصفها.
هذه الوقفة الاحتجاجية تهدف إلى ضمان الكرامة والحق في العيش الكريم، ودعوة الحكومة إلى الإسراع في إيجاد حلول ملموسة لمعالجة هذه الوضعية المتأزمة”، أبرز من جهته أنس الدحموني، مقرر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، شارحا أن “الوضع يزداد سوءا أمام تجاهل هذه الحكومة للمؤشرات الاجتماعية المقلقة الصادرة عن المؤسسات الوطنية والدستورية”.
وأضاف النقابي ذاته متحدثا للجريدة: “الوقفة أيضا صرخةٌ لتنبيه الحكومة إلى ضرورة أخذ المبادرة إلى حل بعض التوترات التي شهدتها قطاعات حيوية”.
دعوة لـ”تصحيح مسار الحوار الاجتماعي”
وفي بيان صدر إثر الوقفة ذاتها أكد المكتب الوطني للنقابة ذاتها “دعوة مؤسسات الدولة الوطنية والدستورية وجميع القوى الحية في هذا الوطن للسعي من أجل تصحيح مسار هذه الحكومة رغم نسختها المعدّلة وسياساتها، باتخاذ إجراءات استباقية؛ بالنظر لما آلت إليه الأوضاع ببلادنا، من تزايد منسوب الاحتقان الاجتماعي وانعدام الثقة في المؤسسات وفي قدرتها على الوفاء بعهودها والتزاماتها…؛ مما خلف حالة من تجدّر لليأس”.
ودعت “نقابة البيجيدي” “الحكومة إلى تصحيح مسار الحوار الاجتماعي، واعتماد المقاربة التشاركية، والابتعاد عن التضييق على النقابات الجادة تقوية لمؤسسات الوساطة ودعما للنقابات على الاستمرار في القيام بكامل أدوارها الدستورية ضماناً للسلم الاجتماعي ومساهَمةً في الاستقرار”.
كما لم تخلُ مطالبها المرفوعة من “تصحيح مسار تنزيل ورش الحماية الاجتماعية والإعلان عن وصفتها لإصلاح أنظمة التقاعد وتحذيرها من أيّ استفراد بالقرار أو تحميلها للشغيلة تكلفة أي اصلاح، والتنبيه لخطورة جمع الصندوقيْن (كنوبس+CNSS)، أو تمرير مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب دون الرجوع به إلى طاولة الحوار متعدد الأطراف، منادية بـ”التعجيل بالاستجابة لملف التقنيين والمتصرفين”.
يشار إلى أن بيان الوقفة قد جدد موقف “مساندة الصمود الأسطوري والبطولي للمقاومة الفلسطينية الباسلة وللشعب الفلسطيني الأبي في وجه آلة الإجرام الصهيونية الوحشية التي تقترف جرائم ضد الإنسانية والمدانة بأشد العبارات لما تقوم به من تقتيل وإبادة وممارسات وحشية في حق الفلسطينيين واللبنانيين، مع تجديد المطالبة بإسقاط التطبيع والاتفاقيات المبرمة وحل مجموعة الصداقة البرلمانية مع الكيان”.