بعد الهجوم الذي شنته إسرائيل، يوم السبت، على إيران والذي استهدفت خلاله عدد من المواقع العسكرية "حيوية" تضمنت بطاريات صواريخ الدفاع الجوي الإيرانية ومنشآت إنتاج الصواريخ، بات هناك تساؤلات يطرح على الساحة حول طبيعة الرد أو الانتقام الإيراني على هذا الهجوم، فهل الشرق الأوسط يتجه نحو نفق جديد مظلم ومستقبل مجهول في حال أخطأت الحسابات بين إسرائيل وإيران وتحولت هذه الضربات المحدودة إلى حرب مباشرة تجر المنطقة إلى مرحلة جديدة من الصراع؟؟
الرد الإيراني ليس في صالحها
وكالة أسوشيتد برس نشرت مقال تحليلي، تكشف من خلاله سيناريوهات الرد الإيراني، والذي أظهر مشهد قاتم فأي كان الخيار الذي ستلجأ له طهران فهي في وضع لا يحسد عليه إن جاز التعبير، والرد هذه المرة لن يكون في صالحها، ولعل لهذا السبب نجد التصريحات التى تأتي من الجانب الإيراني تبرز أنها لا تريد التصعيد مع إسرائيل، وكما قال الرئيس الإيراني مسعود بزشيكان أن :" الرد الإيراني سيتم بحكمة وذكاء"، لأن الرد الآن لن يكون في صالحها سواء كان ضعيفاً أو قوياً.
إيران لا تريد مزيد من التصعيد
وأشار التقرير إلى إن طهران قد تختار الامتناع عن الرد بالقوة بشكل مباشر في الوقت الحالي، خاصة وأن القيام بذلك قد يكشف عن نقاط ضعفها ويدعو إسرائيل إلى رد فعل أكثر قوة، لافتا إلى أنه حتى في الوقت الذي تشتعل فيه الحروب في الشرق الأوسط، كان الرئيس الإيراني الإصلاحي مسعود بزشكيان يشير إلى أن بلاده تريد اتفاقا نوويا جديدا مع الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات الدولية الساحقة.
وأمس أصدر الجيش الإيراني بياناً يحمل في طياته أن الجمهورية الإسلامية لا تريد مزيد من التصعيد وأشار إلى أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان أكثر أهمية من أي رد انتقامي ضد إسرائيل.
كما حذر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، صانع القرار النهائي في إيران، في تعليقاته الأولى على الهجوم الإسرائيلي وقال إن:" الهجوم لا ينبغي المبالغة فيه أو التقليل من أهميته".
وكشفت صور الأقمار الصناعية أن الغارة الإسرائيلية ألحقت أضرارا بمنشآت في قاعدة بارشين العسكرية جنوب شرق طهران والتي ربطها الخبراء في السابق ببرنامج الأسلحة النووية الإيراني وقاعدة أخرى مرتبطة ببرنامج الصواريخ الباليستية.
وقال علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، الذي يتوقع أن تمتنع إيران عن إطلاق النار في الوقت الحالي: "إن أي محاولة إيرانية للرد سوف تضطر إلى التعامل مع حقيقة مفادها أن حزب الله، حليفها الأكثر أهمية ضد إسرائيل، قد تعرض للتدهور بشكل كبير، وأن أنظمة الأسلحة التقليدية لديه تم صدها إلى حد كبير مرتين"
وأشار خبراء إقليميون إلى أن قائمة الأهداف الإسرائيلية المحدودة نسبيا تم تحديدها عمدا لتسهيل تراجع إيران عن التصعيد.
تدمير البرنامج النووي الإيراني هدف إسرائيلي صعب!
وكما قال يوئيل جوزانسكي، الذي عمل سابقاً في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي وهو الآن باحث في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب: " إن قرار إسرائيل بالتركيز على الأهداف العسكرية البحتة يسمح لها بإنقاذ ماء وجهها"، مضيفاً إن:" إسرائيل من غير المرجح أن تتمكن من تدمير المنشآت النووية الإيرانية بمفردها، وسوف تحتاج إلى مساعدة من الولايات المتحدة".
وأشار التقرير إلى أنه لا تزال إسرائيل تتمتع بالنفوذ الذي يمكنها من استهداف أهداف ذات قيمة أعلى في حال ردت إيران ــ وخاصة الآن بعد أن تم تدمير العقد في دفاعاتها الجوية.
وقال توماس جونو، أستاذ جامعة أوتاوا المتخصص في شؤون إيران والشرق الأوسط في تغريدة له عبر منصة إكس أن:" حقيقة أن وسائل الإعلام الإيرانية قللت في البداية من أهمية الضربات تشير إلى أن طهران ربما تريد تجنب المزيد من التصعيد. ومع ذلك، تواجه معضلة.. فإذا ردت، فإنها تخاطر بالتصعيد حيث يعني ضعفها أنها ستخسر المزيد .. وإذا لم ترد، فإنها ترسل إشارة ضعف".
في السابق، كان القادة والاستراتيجيون في الشرق الأوسط يتساءلون عما إذا كانت إسرائيل قد تضرب إيران علانية في يوم من الأيام، وكيف تفعل ذلك، تماماً كما تساءلوا عن الشكل الذي قد تبدو عليه الهجمات المباشرة من جانب إيران، وليس من جانب وكلائها التابعة لها.
اليوم أصبحنا نعيش هذا الواقع وتحول صراع الظل بين الدولتين إلى مواجهة مباشرة وتصعيد عسكري وإن كان لا يزال حتى الآن حذر …!